"الرياضة للجميع.. جملة مللنا سماعها؛ لأنها لم تُنفّذ على أرض الواقع". بهذه الكلمات عبّر عدد من السعوديات عن استيائهن لعدم إنشاء أندية سعودية نسائية تشمل كل الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية وفق الضوابط الشرعية وتنسجم في الوقت نفسه مع العادات والتقاليد، على غرار الموجودة في جميع المدن السعودية وتقتصر على الرجال فقط. "شمس" بدورها استطلعت آراء بعض المؤيدات لإنشاء هذه الأندية، وتعرّفت على دوافعهن وأسبابهن الرئيسية لذلك، واستمعت كذلك إلى اللائي يرفضن الفكرة، كما التقت أحد رجال الدين ليبيّن الرأي الشرعي، من خلال ما يأتي: تستثمر الوقت تؤيد نوف الجبر (طالبة جامعية) بشدة إنشاء أندية نسائية؛ نظرا إلى أهميتها في الحفاظ على صحة المرأة ورشاقتها؛ ما ينعكس إيجابا على نفسيتها وعطائها. وطالبت الجبر بأن تشمل الأندية جميع الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية، على غرار الأندية الرياضية الموجودة في السعودية التي تقتصر على الرجال فقط، مؤكدة وجوب تركيز هذه الأندية على رياضتي السباحة والفروسية. أما رقية باطوق (خريجة جامعية) فأيدت رأي الجبر، بضرورة وجود الأندية النسائية على أرض الواقع، وقالت: "أشعر بأن وقت إنشائها قد حان، حتى يُستثمر الوقت المهدر في شيء مفيد وصحي نفسيا وجسديا، إلى جانب إشعال روح التنافس وخلق جو من الحماس بين البنات، شريطة أن تكون بشروط وضوابط تراعيها هذه الأندية من الناحيتين الدينية والاجتماعية". ولفتت باطوق إلى أن إشعال روح التنافس لن يتم إلا بوجود بطولات ومسابقات بين الأندية. مبينة أن ذلك سيلقى دعما من الشركات التي تدعم هذا التوجه في المجتمع. وتوقعت باطوق قرب مجيء اليوم الذي يتقبل فيه المجتمع أمرا لا يشكل خطرا على قيمه وثوابته. نوع من التنفيس ووصفت (وفاء) وجود الأندية النسائية على أرض الواقع بأنه نوع من التنفيس للمرأة، خاصة المراهقات، وقالت: "المدرسة المجتمع الوحيد الذي تتعاطى الفتاة معه، ووجود مثل هذه الأندية أمر صحي يمتص طاقات الفتيات ويوجهها الوجهة الصحيحة". وطالبت وفاء بأن تشمل الأندية كافة الجوانب الاجتماعية والثقافية والرياضية، مع التركيز على رياضتي السباحة وركوب الخيل، إضافة إلى تخصيص أماكن تتعلق بالطفل، وصالات رياضية مجهَّزة بأحدث الآلات، على أن تكون برسوم اشتراك رمزية متاحة للجميع، ولا تقتصر على طبقة معينة من المجتمع. وتعتزم مي المزروع (موظفة) إنشاء مشروع رياضي نسائي مستقل، وقالت: "أؤيد إنشاء أندية نسائية؛ لأن ممارسة المرأة للرياضة بشكل مريح وبعيد عن مضايقات الشباب ليس محرما شرعا، بل من الدواعي الأساسية التي يجب الانتباه إليها". وأضافت: "المرأة السعودية لا تمارس أي أنشطة تذكر، والمنع على مطلق الأمور ليس حلا ناجعا". أما فاطمة باطوق (مديرة مؤسسة تجارية)، فأكدت أنها كانت تمارس الرياضة المدرسية في مدرستها الخاصة، وخاضت عددا من المنافسات ضد مدارس في الخبر. واستنكرت باطوق عدم وجود أندية نسائية تشرف عليها مؤسسة ذات استقلالية عن رعاية الشباب، تستطيع من خلالها المرأة ممارسة شتى أنواع الرياضة بما لا يتعارض مع خصوصية المجتمع. تحارب السمنة وتعتبر أم خالد (ربة منزل) وجود أندية نسائية تستهدف جميع شرائح المجتمع وبمبالغ رمزية مثل أندية الرجال، ضرورة، خاصة بعد تزايد معدلات السمنة بين النساء السعوديات ووصولها إلى 60 في المئة، إلى جانب شغل أوقات المراهقات بما يفيد. مشيرة إلى أن صحة المرأة السعودية في تراجع لعدم القيام بأي نشاط رياضي وعدم وجود أمكنة مناسبة لممارستها. أما ندى عبدالله (موظفة)، فخالفت المؤيدات لوجود الأندية النسائية بحجة استحالة توافر الشروط المطلوبة فيها مثل الضوابط الشرعية والالتزام باللباس، إضافة إلى موافقة الأهل عليها، مؤكدة أن ذلك يفتح المجال لحدوث أمور لا يتقبلها المجتمع. خطوة جريئة وأكدت مريان باسيل (مذيعة MBC) تأييدها للرياضة النسائية في حدود احترام عادات وتقاليد وتعاليم الإسلام، وقالت: "الرياضة جزء لا يتجزأ من صحة الإنسان وتطوره الذهني والصحي والنفسي، خاصة أن مستوى البدانة بالدول العربية في ارتفاع، وعدم ممارستها يؤثر بشكل كبير على مجتمعنا بأكمله؛ لأن المرأة هي الأم والأخت والزوجة". واعتبرت مطالبات بعض السعوديات بإقامة نواد وفرق نسائية تنافس على المستوى المحلي تحت رعاية الجهات الحكومية المسؤولة خطوة جريئة. وأضافت: "أعتقد أن الدين الإسلامي لا يمنع المرأة من ممارسة حقها في الحياة، وأن تحافظ على أنوثتها ورقتها وبيتها وزوجها وأطفالها تحت ضوابط الدين، على الرغم من أنني لست على علم كبير بمفاهيم الدين الإسلامي والعادات السعودية". فتوى شرعية من جهته أكد الشيخ محمد النجيمي أن إنشاء أندية نسائية يحتاج إلى فتوى من هيئة كبار العلماء. مؤكدا أن أمور التحليل والتحريم ليست سهلة. وقال: "إذا توافرت عدد من الشروط فلا بأس في ذلك، ومنها عدم وجود إعلام يبرز الحدث، وأن تكون اللعبة الرياضية مناسبة لهن، وألا يمارسن ألعابا قد يكون لها ضرر على المدى البعيد، أو غير مناسبة لتكوين المرأة الجسدي".