انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة كبيرة في اسمها، وهي الإخراج السينمائي، هكذا ومن دون مقدمات أصبح لدينا مخرجون ومخرجات سينمائيون، ونحن بكل تأكيد نفخر بالإبداع وبالمبدعين في أي مجال كان، ولكن السؤال هو: هل هؤلاء المخرجون من الجنسين ملمّون فعلا بهذه المهنة؟ وأين درسوها؟ وما هي مؤهلاتهم في هذا المجال؟ أم أن العملية تجارب ساهمت التقنية الحديثة والمتطورة تباعا في أجهزة ومعدات التصوير من كاميرات احترافية يستطيع حتى من لا يفك الحرف بضغطه زرا أن يتعامل معها وأن يحصل على أدق التفاصيل والصور. أنا لست ضد هذه الظاهرة ولا أبطالها، ولكن وكي لا نجني عليهم وهم لا يملكون الدراية الكافية، نتمنى عليهم ألا يقدموا أنفسهم كمخرجين سينمائيين، وألا تنساق العواطف الصحافية وراء التسويق لهذه الظاهرة عن جهالة، وإنما يجب التعامل معها بمنطقية العلم والمعرفة؛ فهناك المئات من أصحاب الخبرة والممارسة الذين عملوا سنوات طويلة في مجال السينما كمساعدين أو منفذين، لم يقدموا أنفسهم كمخرجين سينمائيين إلا بعد أن أصبحوا مؤهلين بالكامل. العبرة ليست بامتلاك كاميرا ومعدات متقدمة تقودك حيثما شئت، وإنما العبرة بما تمتلكه من رؤيةوبصيرة ومعرفة تامة بعالم السينما وأدواتها المختلفة، كي تكون قادرا على إدارة الكاميرا بتلك المؤهلات. نحب أن يكون لدينا صناعة سينمائية ولكن عن علم وفهم ودراية وخبرة ناضجة، ولا بأس أن نؤجل عواطفنا المشجعة إلى أن يتحقق ذلك، وأن تتوقف عن تضليل أصحاب تلك المحاولات بنجاح عاطفي، فهم محتاجون أكثر للوقوف معهم بإيضاح هذه الحقيقة بمنطقية وواقعية، وأنهم في حاجة إلى تثقيف أنفسهم عمليا وبعد تحقيق ذلك سنكون أول من يصفق لهم.