تبدأ بالاتصال على أحد الأرقام الذي اختارته بطريقة عشوائية، وبكلام معسول، مفعم بالأنوثة والميوعة تحاول جاهدة استدراج الطرف الآخر؛ ليجاذبها أطراف الحديث، فإن فشلت بحثت عن آخر، وإن استجاب عملت جاهدة على استدرار جيبه، هذه حال ما يعرف ب(صائدات الخرفان) اللاتي بدأن يلفتن النظر في الآونة الأخيرة، وكثيرات من هؤلاء لم يقفن عند حد ابتزاز ضحاياهن ماديا والاستفادة من نفوذ بعضهم وظيفيا واجتماعيا، بل أوجدن مزادات لعرض هذه الأرقام للبيع. “شمس” رصدت هؤلاء الفتيات، وما يقمن به من أعمال مشينة آخذة برأي ذوي الاختصاص في هذا الجانب. هدايا لا تشعر هبة بأي حرج وهي تخبر صديقاتها في العمل بأن حقيبتها الفاخرة الثمينة جاءت هدية من صديقها: “أفتخر بما أناله منه، ومن آخر ما جنيته هذه الحقيبة التي اشتراها لي ب800 ريال، ولا تكتفي هبة بإخبار صديقاتها عن هذا الشخص بل تعرض رقمه الخاص للبيع لمن يرغب في الحصول على الهدايا”، “لا يعني عرضي للرقم هجراني له، وانقطاعي عن أعطياته، لاعتبارات عدة، أولها أنه لن يعرف مصدر الرقم، وثانيها أن هذا الصنف من الرجال من الممكن أن ينجذب لأكثر من فتاة، وبسهولة، بل يقدم لهن ما يردن من هدايا ومن أول اتصال”، مشيرة إلى أن هؤلاء لا يهتمون كثيرا بما يدفعونه في سبيل الحديث مع أنثى أو اللقاء بها إذا تطلب الأمر، وعن العواقب التي قد تنالها من جراء هذه اللقاءات وهذه المحادثات تضيف: “من المؤكد أن في ذلك مخاطرة، ولكن ما يقلص منها أن اللقاءات غالبا ما تتم في أماكن عامة، ولاستلام الهدايا فقط”، وعما تعلل به الهدايا التي تنالها أمام أهلها تقول: “نادرا ما يسألني أهلي عن مصدر الشيء الذي أملكه، بل يسألونني عن متى اشتريته ومن أين وبكم؟! ويجعلني بعيدة عن الشكوك أنني موظفة لي راتب مجز أتصرف فيه كيفما أشاء”. واسطة أما سعاد التي تعلمت الطريقة ذاتها من إحدى صديقاتها في الجامعة، فهي الأخرى تفاخر بين صديقاتها بما حصلت عليه من هدايا وخدمات لا تعد ولا تحصى من قبل أصدقائها: “في البداية كنت أتحرج من الكلام مع أي رجل كائنا من كان، ولكن بعد أن تعلمت الطريقة والأسلوب من صديقات ورأيت ما يجنينه من مكالمة هاتفية فقط وجدت الأمر يستحق المحاولة، وبالفعل من أول مكالمة لي بالشخص الذي أعطتني صديقتي رقمه حصلت على بطاقة جوال مسبقة الدفع بقيمة 300 ريال، وبعدها حصلت على عطر ثمين وما هي إلا عدة أيام، وعدة اتصالات حتى استطعت من خلالها الحصول على أحدث جوال، كل هذا بحديث في الهاتف مع شخص لا يعرف عني أي شيء سوى صوتي الكفيل بانجذاب هؤلاء”، وعلى مدى ثلاث سنوات تمكنت سعاد من تكوين شبكة من العلاقات مع عدد كبير من ذوي المكانة كما تصفهم وعما جنته منهم تضيف: “تمكنت من التوسط لتوظيف أحد أقاربي”، ولا تخفي سعاد شعورها بالخجل من نفسها بين الحين والآخر، إلا أنها ترى أنها مجبرة على هذا في ظل زمن مادي، وفي محيط يأكل بعضه بعضا. ح راج ولأن بعض هؤلاء الرجال كريم في أعطياته للمتلاعبات، أصبح أولئك (الخرفان) كما يسمون لدى الفتيات مطلوبين من الباحثات عن الهدايا والواسطات، الأمر الذي نتج منه شراء بعض الفتيات لأرقامهم بمبالغ كبيرة، تقول إحداهن،: “هناك قوائم من الأرقام يتم تداولها وبيعها في كثير من الأحيان بمبالغ طائلة تصل لآلاف الريالات”، وتضيف سارة صاحبة قائمة بمجموعة أطلقت عليهم (الخرفان ذوي النفوذ) قائلة: “لدي قائمة بالأشخاص الذين يمكن الحصول من خلالهم على واسطة ومساعدة في مكان معين وهي من أغلى القوائم، فقد رفضت بيعها بخمسة آلاف ريال لإحدى البنات التي طلبتها؛ للحصول على من يجد لها واسطة تقوم بمساعدتها في أمور متعددة منها التوظيف”، وتزعم سارة أنها تمتلك أرقاما لأشخاص ذوي نفوذ كبير يستطيع الكثير منهم تنفيذ أي رغبة تطلبها منهم، وهذه الخدمات غالبا تقدم كخدمات مساعدة إضافية لما يقدمونه من هدايا ومبالغ، ودفع للفواتير والكثير من الأشياء التي يقوم بها المدرجون ضمن هذه القائمة ما يجعل هذه القائمة من أغلى القوائم: “وبالرغم من كل ما يقدمه أصحاب الهدايا من مبالغ وهدايا ومساعدات، إلا أنهم يبقون محل سخرية لدى هؤلاء الفتيات ممن امتهن إعداد قوائم بأرقام أصحاب النفوذ وأصحاب الفزعات وأصحاب الهدايا الثمينة وأصحاب الهدايا المتوسطة والمساكين الذين لا يدفعون سوى ثمن المكالمات وهي من القوائم التي توزع بشكل مجاني مع باقي القوائم الأخرى”. تقليد ولم يقتصر تناقل مثل هذه القوائم على الفتيات، بل أصبح بعض الشباب يلجؤون إليها؛ للعبث وللحصول على بعض الهدايا والمبالغ المالية والسخرية من صاحب الرقم الذي يضمن أن من تكلمه فتاة، يقول أحمد (صاحب موهبة في تقليد الأصوات): “في البداية كنت أعبث مع أصدقائي فنسجل مقاطع صوتية لمكالمات أجريها وأنا أقلد صوتا نسائيا، ومن ثم يتناقل الأصدقاء هذه المقاطع الصوتية عبر البلوتوث أو الإنترنت، لكن تطور الأمر حين عرض عليّ أحد الأشخاص الذين أكلمهم إرسال رقم لبطاقة شحن بمبلغ 300 ريال، وبعد يومين أعاد إرسال رقم آخر بالمبلغ نفسه، ومن ثم بدأ بعرض الهدايا، حيث استطعت الحصول منه على جوال تركه لي في أحد المحال بحسب ما طلبت منه”، واستمر أحمد على الطريقة ذاتها، وجنى من هؤلاء الكثير. وعن تعامله في حال طلب الرجل اللقاء به يقول أحمد: “سرعان ما تنقطع العلاقة بيننا حين يطلب اللقاء بي، فأغير رقمي وأشتري رقما آخر، وهنا ينتهي الموضوع عند إتلاف شريحة الجوال واستخدام أخرى”، وعن أكبر ما جناه من هذا العبث يقول: “تمكنت من خلالها من الحصول على كمبيوتر محمول”، ويشير أحمد إلى أنه لم يترك ما كان يقوم به هو وأصدقاؤه، فما أن تنتهي علاقته بهؤلاء حتى يأخذ ما سجله من مكالمات ليبثها في مواقع الإنترنت.