لم تعد الثقبة المكان المناسب للسكن، هذا ما يردده الكثير من ساكني الحي؛ يدفعهم لقول هذا تصدر الحي بقية الأحياء في عدد الجرائم التي حدثت فوق مسرحه، من خطف ومخدرات، إضافة إلى انتشار العمالة الوافدة في أرجائه؛ الأمر الذي يبعث القلق والمخاوف في نفوسهم. “شمس” تجوّلت في أرجاء هذا الحي والتقت بعض ساكنيه، كما أخذت برأي الجهات المختصة. مراقبة فرحان سامي (طالب) لا تبعد مدرسته سوى مسافة قليلة عن سكنه، ورغم هذا لا يذهب إليها وحده “رغم قربها من منزلي، وقدرتي على الذهاب إليها ماشيا إلا أن أبي يرفض هذا ويقوم بإيصالي بسيارته، وعند الظهيرة يأتي مرة أخرى؛ ليرجعني إلى المنزل”. وعن السبب الذي يدفع الأب إلى هذا العمل طوال العام الدراسي يضيف فرحان: “ما يدفع أبي إلى هذا الأمر هو ما طال زملائي الطلاب من خطف ووقوع في شراك مروجي المخدرات”. ولا يقف تحرز أسرة فرحان عند حد مصاحبته في ذهابه إلى المدرسة بل حتى في ممارسته لعبة كرة القدم “لا أستطيع أن ألعب في الشارع مع زملائي؛ لذا أكتفي بممارستها داخل المنزل”. مسرح جرائم وأثناء تجولنا في الحي التقينا سامي المري ليحدثنا بدوره عما يعانيه أهالي الثقبة: “بعد أن كانت الثقبة في وقت مضى مضرب مثل للتعاون والصفات الكريمة التي يتصف بها ساكنوها، أصبحت مسرحا للإجرام حتى بات من المألوف أن نسمع من وقت لآخر جرائم تقع هنا وهناك من بيع مخدرات، وجرائم أخلاقية، وغيرها كثير”. ويذكر المري تذمر الكثير من ساكني الحي مما يحدث فيه. خطر العمالة ويشارك المري في الرأي ذاته سعد عبدالله فيما ذهب إليه من كثرة الجرائم التي تتم فيه، ذاكرا عن أسبابها “هذه المشكلة تعزى إلى العمالة الوافدة التي لم يعد خطرها خافيا على أحد، ويزيد من خطرهم سكنهم بجانب العوائل، وتجولهم في الشوارع كما يريدون دون حسيب أو رقيب، أضف إلى هذا جلساتهم للسمر في أماكن عدة من الحي إلى ساعات متأخرة من الليل؛ الأمر الذي يثير مخاوف الحي من هذه الفئة”. أماكن مشبوهة ويطالب فهد فالح الأمانة بأن تسرع في إيجاد الحلول المناسبة “فالمنازل المهجورة والسيارات المركونة على جنبات الشوارع الداخلية للحي تمثل أماكن مناسبة للعابثين؛ ليعملوا بها ما يشاؤون، ذاكرا أن “هناك حالات تم القبض عليها في هذه الأماكن”. فقر وبالقرب من أحد الصناديق المخصصة لوضع الملابس المستعملة، وجدنا (أم شيخة) ومعها طفل صغير لا يتجاوز عمره العام. حاولنا أن نجاذبها أطراف الحديث لكنها تجاهلتنا وأخذت في البحث عما يناسبها من هذه الملابس، ويقيها البرد القارس، وبعد محاولات منا قالت: “ماذا أقول لكم؛ فالحال يغني عن المقال”. وعن السبب أجابت بعد ممانعة بادئ الأمر: “أصيب زوجي سمير عباس بعمى؛ ما تسبب في طرده من الشركة التي كان يعمل فيها، وبما أنه عائلنا الوحيد في هذه الدنيا فقد ترتب على فصله دخولنا في ديون، ومتاعب مع المؤجر الذي يطالبنا ب1500 ريال شهريا، ولولا الله ثم بعض المحسنين في هذا الحي وخارجه لبتنا في العراء”. وعن دور مبرة الإحسان في الثقبة وما تقدمه من أعمال خيرية تضيف: “خرجوا معي أكثر من مرة، ورأوا المنزل الذي نستأجره، واطلعوا على حال زوجي، ومع هذا لم يقدموا شيئا لنا”. بطالة وتشير نعيمة عبدالرحمن الزامل (رئيسة أول لجنة للتنمية الاجتماعية في الحي) إلى الكثير من المصاعب التي وقفت أمام الخطط التي يعملون عليها، منها “الإجراءات المعقدة، والفقر الشديد، كما أننا ما زلنا نعتمد وبشكل أساسي على الدعم الأهلي في محاولة للوصول بخططنا إلى بر النجاح، وهذا يعود إلى أن اللجنة لم تتحول بعد إلى جمعية؛ لتدعم بشكل كامل من وزارة الشؤون الاجتماعية. ومن المشاكل التي نجدها اكتظاظ الحي بالسكان وتواجد الوافدين بكثرة بين منازل العوائل، كما أن هناك الشوارع المتهالكة، وكذلك سوء الخدمات الصحية في ظل وجود مستوصفين لا يبدو أحدهما بحال جيدة. وبدورنا قمنا بعمل مسح ميداني لسكان الحي فوجدنا أن عددا كبيرا منهم لا يحملون أوراقا ثبوتية؛ نظرا لإهمال الأب لهم من جراء الظروف المادية الصعبة أو المخدرات، كما أن عددا كبيرا من سكان الحي الذين يعملون لا يتجاوز دخلهم الشهري 2000 ريال، وتصل نسبة الساكنين بالإيجار ما يقارب 90 في المئة”. وعن الأعمال التي قاموا بها تضيف: “قمنا بتثقيف الشباب من الجنسين؛ لإيماننا بطاقاتهم التي نسعى لتوظيفها بالعمل الميداني، كما اهتممنا بحل المشاكل الاجتماعية والنفسية لدى أسر الحي، وتطوير السكن بتوفير المقومات الأولية للأمن والسلامة ونشر التوعية والثقافة العامة في الحي من خلال فتح فصول دراسية لأبناء الأسر التي ليس لهم بطاقات ثبوتية أو لم يضافوا في بطاقة العائلة واستقبال عدد من سيدات الأسر اللواتي لم يلتحقن بالتعليم، ورفع ثقافة الأمهات الصحية لتربية وحضانة أبنائهن بطريقة سوية والتركيز على الأسر المنتجة التي ترعاها اللجنة عن طريق عمل دورات تدريبية لهن وتسويق إنتاجهن لكي يعتمدن على أنفسهن، وتأهيل الشباب وتدريبهم قبل التوظيف من خلال عمل دورات تدريبية والتنسيق مع الشركات والقطاعات الأخرى لتوظيفهم، وكانت النتيجة إنجاز تخريج 44 فتاة في اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي، وتخريج 120 شابا في دورة أكاديمية للغة الإنجليزية، إضافة إلى توعية الأفراد في المجتمع بضرورة المحافظة على البيئة من حولهم كالمنزل والمدرسة والعمل والشارع، وقسم خاص لتغطية احتياجات جميع مشاريع وأنشطة اللجان ماديا وعينيا بصفة خاصة وذلك بافتتاح صالة ذوق وبناء التي يتم تأجيرها لصالح اللجنة وافتتاح بوتيك ابتسام لبيع الملابس وحقائب اليد والأحذية المستعملة التي يعود ريعها لصالح الأسر المحتاجة في الحي. كما تمكنا من توحيد عدد من المجموعات التطوعية الموجودة في الخبر، التي كانت تعمل دون تراخيص ليشكلوا ما يعرف ب(اتحاد الأندية التطوعية الشبابية)”.