لا تقف معاناة سكان حي الخزان (أو ما يعرف شعبيا بحي الدخل المحدود) في الجبيل، عند عدم شمولهم بشبكة الصرف الصحي، لكن المشكلة هي في تحول حيّهم بالكامل إلى خزان (كما هو اسمه) ولكن لمياه الصرف الصحي التي ترفض الانحدار إلى باطن الأرض، فكونت مستنقعات ضخمة تقوم على مساحة من الأراضي توازي في اتساعها مساحة عشرات المنازل. ومن الجو قد يرى الناظر حيا رائعا تتوسطه بحيرة ضخمة رائعة رغم لونها القاتم وتحيط بها الحشائش الخضراء، ولكنه إن وقف على هذا المنظر من الأرض، فقد لا يتمكن من الابتعاد عن الموقع سليما، مع أسراب البعوض وقطعان الحشرات التي استوطنت المكان منذ نشأة البحيرة المخجلة في أهم مدينة صناعية. حتى في غرف النوم مع تزايد الشكاوي التي لم تجد أذنا مصغية، أجرت "شمس" جولة قصيرة في الحي، والتقت عددا من ساكنيه، وكان من بينهم المواطن محمد الهياس، الذي قال إن معاناتهم مع أوضاع الحي من ناحية مستنقعات الصرف الصحي، لا تتوقف عند مرورهم بها أو عند خطرها الصحي على بيئة الحي العامة بل إن الأخطار، بحسبه، تداهمهم في المنزل وداخل غرفهم الخاصة؛ بسبب الرائحة الكريهة التي تبثها المستنقعات على مدار اليوم، وبسبب الحشرات والجراثيم المرئية وغير المرئية التي تنتجها المستنقعات وتزحف نحو منازلهم. وقال الهياس يائسا وغاضبا: "لم نعد نتحمل الصبر.. فقد صبرنا طويلا". مشيرا إلى أن الحي الذي يعتبر حديثا بالنسبة إلى أحياء أخرى، جرى تقسيم أراضيه على المواطنين وبيعها دون أن يزوّد بنظام صرف صحي كما هو مشترط نظاما عند الترخيص لأي مخطط سكني، وقال إن الحي رغم مشكلاته العويصة مع الصرف الصحي لا يزال يحتفظ بمرتبة متقدمة في سوق العقار حيث تؤجر الشقق والمنازل فيه بمبالغ باهظة، وهو ما يدعو للحيرة، بحسب الهياس. صداقة مع ناقلات (الشفط) يقول مبارك الشهراني وهو من أقدم سكان الحي، إن "العشوائية تسيطر على حي الخزان ولا بوادر للاهتمام بما نعانيه"، وأضاف: "نحن نشتكي بشكل شبه يومي ولكن لا حلول إلا ما نقوم به بأنفسنا من سحب للمياه عبر ناقلات الصرف الصحي التي أصبحت صديقة للحي وتتواجد به دائما". وأوضح الشهراني أنه وسكان الحي سبق أن رفعوا عشرات الشكاوي لمصلحة المياه والصرف الصحي من أجل بناء شبكة للصرف في الحي والتخلص من المستنقعات الملوثة.. ولكن لا استجابة". وتابع الشهراني: "حتى أطفالنا ليسوا كأطفال الأحياء الأخرى، فلا مكان لهم لقضاء وقت في الحي مع وجود المستنقعات الخطرة التي قد تلتهم أي طفل بسهولة مع اختباء البحيرات خلف سيقان الحشائش الطويلة التي تنمو دائما قرب تجمعات المياه القذرة". عقاري: الحي استراتيجي قال عيد البوعينين أحد تجار العقار في الحي، إن حيهم من ناحية البنى التحتية تنقصه الكثير من الخدمات، وإن المطالب التي يريد سكان الحي توفيرها أسوة بالأحياء الأخرى، كثيرة. مشيرا إلى أن المسؤولين عن الدوائر الخدمية لا يزالون يقدمون كثيرا من الوعود وقليلا من الأفعال. وعن سبب ارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات في الحي ما دام على هذه الحالة، قال البوعينين، إن الحي رغم نقص الخدمات فيه إلا أنه حديث نسبيا، وكذلك فإن موقعه غير اعتيادي بالنسبة إلى مدينة الجبيل حيث يقع في منتصف المدينة وبالقرب من جميع الطرق الرئيسية. وأشار البوعينين إلى أن نقص خدمات الحي يطرد المستثمرين العقاريين في العادة ولكن في الجبيل حيث البحث دائب عن الأراضي، يجد مثل هذا الحي إقبالا لكونه لا يزال يحمل متسعا للبناء.