لم يبالغ باراك ﺃوباما كثيرا وهو يقول لمؤيديه في سانت بول إنهم يصنعون التاريخ، فالحقيقة ﺃن ﺃوباما الشاب هو الذي يصنع التاريخ عندما ﺃصبح ﺃول ﺃمريكي ﺃسود يفوز بترشيح ﺃحد الحزبين الكبيرين لمنصﺐ الرئاسة. كتبت و ا شنطن بو ست على صفحتها الأولى مقالا بعنوان "رئيس ﺃسود" تقول فيه: "كان من المستحيل ﺃن تأتي هاتان الكلمتان في جملة واحدة ﺃو سياق واحد في بلد واحد دون ﺃن تتبعهما علامة الاستفهام، (إذ كيف يكون الرئيس الأمريكي ﺃسود)؟ لكن ذلك المستحيل ﺃصبح ممكنا، بينما سار ﺃوباما بخطى واسعة إلى البيت الأبيض". حضور ﺃوباما القوي، يبعث موجة كهربائية في الجسد الأمريكي، وكأنه يفاجئ ﺃمريكا ببساطته وﺃحلامه، معيدا إليها صورة هي مزيج من الواقعية والرومانسية، عما يمكن ﺃن يحققه ابن مهاجر إفريقي في بلد تصف نفسها بأنها ﺃرض الأحلام وﺃرض الفرص. وهو حضور يؤكد ﺃن صورة ﺃمريكا في تعاملها مع الأعراق المختلفة في تطور متواصل، بدءا من استعباد السود والتمييز ضدهم، مرورا بحركة الحقوق المدنية والبرامج التمييزية لصالحهم، وانتهاء بوصول ﺃمريكي ﺃسود إلى ﺃعلى منصﺐ في الدولة، وهو تطور لم تحققه ﺃي ديمقراطية غربية ﺃخرى. لكنه يضع في الوقت ذاته التجربة الأمريكية على المحك بمن معه وبمن ضده. يقول ﺃوباما عن نفسه، إنه نتاج موجة الغضﺐ التي عاشتها ﺃمريكا إبان الستينيات، عندما خرج جيل شاب متحديا كل المؤسسات والأسس العتيقة والحرب على فيتنام، وقتها تزوج طالﺐ كيني مسلم يدرس في هاواي من ﺃمريكية بيضاء قادمة من كنساس وﺃنجبا ﺃوباما. عاد والده حسين ﺃوباما إلى كينيا وانفصل عن والدته آن، التي تزوجت مسلما إندونيسيا وانتقلت للحياة معه في إندونيسيا، حيث قضى ﺃوباما هناك ﺃربع سنوات من طفولته، قبل ﺃن يعود ليعيش مع جديه في هاواي. تصفه النيويورك تايمز (مدحا قدحا) بأنه نتاج "الأوفشور" المركزﺃو ﺃو الأراضي البعيدة عن لأن والدته نقلته إلى إندونيسيا طفلا ليعيش في بلد مسلم ومع زوج ﺃمه المسلم، ولأنه تربى في هاواي الجزيرة البعيدة عن ﺃرض قلﺐ ﺃمريكا، لكن ربما موقعه البعيد هو ما سمح له برؤية ﺃمريكا بشكل ﺃوضح، تقول الصحيفة: "درس العلوم السياسية في جامعة كولومبيا بنيويورك لمدة ثلاث سنوات، بعدها عمل في الخدمة الاجتماعية بشيكاغو قبل ﺃن يلتحق بجامعة هارفارد لدراسة القانون مجددا، ويصبح ﺃول رئيس ﺃسود لمجلة القانون التي تصدرها الجامعة، بعدها وصل إلى العاصمة واشنطن دي سي، ليمارس السياسة على الصعيد الوطني كعضو في مجلس الشيوخ، قبلها كان عضوا في مجلس شيوخ ولاية إلينوي وسطع نجمه السياسي عندما ﺃلقى كلمة رئيسية في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي عام، 2004 لم يضيع وقتا للتطلع إلى ﺃعلى المناصﺐ؛ فبعد عامين فقط من فوزه بعضوية مجلس الشيوخ بدﺃ يتحدث عن نيته الترشح للرئاسة. ﺃصدر كتابا عن سيرته الذاتية وعمره 33 عاما، ثم ﺃصدر كتابه الثاني "جرﺃة الأمل" بعدها ب11 عاما و حقق ا لكتا با ن مبيعا ت قياسية على قائمة نيويورك تايمز للكتﺐ الأكثر مبيعا. كان شعاره الأبرز في حملته الانتخابية "حان ﺃوان التغيير"، يتمسك بليبراليته على ا لطر يقة ا لأ مر يكية، لكنه ﺃيضا لا يخجل من ماضيه، إذ ﺃقر بتعاطي الماريجوانا، وقال إنه استنشق دخانها، على عكس ما قاله كلينتون (ﺃحد ﺃبناء جيل الغضﺐ) الذي قال إنه دخن الماريجوانا ولم يستنشقها. يضع ليبراليته في مواجهة جيل ا لستينيا ت ا لذ ين حو لو ا مواقفهم فصاروا محافظين جددا ﺃو ليبراليين بشروط مثل هيلاري كلينتون ﺃو زوجها الرئيس السابق؛ فهو يؤمن بدور رئيسي للدولة في حماية الفئات الضعيفة، وبزيادة الضرائﺐ على الشركات الكبرى و بتقنين و و ل ستر يت و تو فير ا لر عا ية ا لصحية للأ مر يكيين. ويطالﺐ بضرورة الانسحاب من العراق واتباع سياسة الحوار بين ﺃمريكا وخصومها، ودون شروط مسبقة، و عند ما يتعلق ا لأ مر بالشرق الأوسط يؤكد التزامه ا لمطلق با لتحا لف ا لأ مر يكي الإسرائيلي، ملمحا في الوقت نفسه إلى ﺃن السلام من مصلحة إسرائيل.