ورغم برودة الجو صباح ﺃمس الأول إلا ﺃن رغبة حضور النهائي ﺃشعلت الحماس لدى بعض المشجعين وﺃجبرتهم على التواجد باكرا في المطار منذ السادسة صباحا، مع علمهم بأنهم لن يغادروا قبل العاشرة حسﺐ إعلان المشرفين على الرحلة الذين طلبوا منهم التواجد عند الثامنة. الساعات الطويلة التي سبقت موعد الإقلاع جعلت الجميع يبحثون عن وسيلة تساعدهم في قضائها؛ فمنهم من تمدد على الأرض وسلم جفنيه للنوم ليسرق غفوة عاجلة تجدد نشاطه، ومنهم من فضّل التجول في المطار، والبعض الآخر انكﺐ على قراءة الصحف اليومية. وفي زاوية من زوايا المطار ينظر جميع المسافرين باستغراب إلى شباب افترشوا الأرض ودخلوا في صراع مثير في لعﺐ (البلوت) وسط ترقﺐ الآخرين لدورهم، ومنظرهم العام يدل على مؤازرتهم للمنتخﺐ السعودي من خلال الشالات والأعلام والشعارات التي وضعوها، إضافة إلى تلوين وجوههم وملابسهم باللون الأخضر. ومع طول الانتظار تأخر موعد الصعود إلى الطائرة المؤازرة للأخضر ﺃكثر من ساعتين؛ وذلك من ﺃجل تنظيم الجمهور في مسألة منحهم بطاقات صعود الطائرة على دفعات؛ ليكتمل عدد المغادرين داخل الطائرة عند ال12:30 ظهرا، وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر فيه الإقلاع انفجرت ﺃولى المشاكل من خلال محاولة مضايقة ﺃحد الجماهير لإحدى مضيفات الطائرة، وهو الأمر الذي رفضه الطاقم؛ ليتم الاستنجاد بالشرطة العسكرية من ﺃجل إنزال الراكﺐ؛ لتحلق بعد ذلك الطائرة السعودية عند الواحدة والثلث بأمان وتشق الأجواء نحو عمان وسط ﺃهازيج ممزوجة بالنشاط والحيوية حتى حطت الطائرة رحالها في مطار مسقط الدولي لتحظى الجماهير السعودية باستقبال حافل من المسؤولين العمانيين الذين سهلوا عملية دخولهم، وبعد إنهاء الإجراءات ﺃحضر ﺃحد المشرفين على الرحلة كيسا كبيرا وطلﺐ من الجميع وضع جوازات سفرهم وبطاقاتهم الشخصية فيه؛ خوفا من ضياعها؛ ليتوجهوا بعد ذلك إلى ما يقارب 15 حافلة ﺃقلتهم إلى ملعﺐ السلطان قابوس الذي التقت فيه الجماهير السعودية نظيرتها العمانية وسط جو ﺃخوي ساده الطابع الاحتفالي الذي انعكس من خلال اختلاط الأعلام بعضها بعضا. وكان الجمهور السعودي قد عاش لحظات عصيبة على ﺃمل ﺃن يخطف الأخضر الكأس الخليجية إلا ﺃن ضربات الحظ ﺃعلنت تتويج عمان بالبطولة للمرة الأولى في تاريخه، وهو الأمر الذي ﺃصاب السعوديين بصدمة ﺃجبرتهم على مغادرة الملعﺐ فورا عائدين ﺃدراجهم إلى المطار؛ لتبدﺃ مع عودتهم رحلة ﺃخرى من الإشكاليات انطلقت عندما بدﺃت الشائعات تنتشر في الحافلات المتأخرة؛ حيث تناقل الجمهور ﺃخبارا متفرقة، منها ضياع جوازات سفرهم واختفاء المشرف المرافق لهم، وكذلك عدم تمكّن طاقم الطائرة الذي ﺃحضرهم من العودة بهم لأسباب مجهولة. وزادت قوة هذه الأخبار التي بدﺃت تشق طريقها من ميدان الشائعات إلى المصداقية بعد توقف حافلات الجماهير السعودية بالقرب من المطار ﺃمام ﺃحد (الملاهي)؛ ليبدﺃ تدافع عدد من الجماهير لاقتحامه، فيما انشغل البعض الآخر للسؤال عن مصيرهم ومصير جوازاتهم، واستمر الوقوف قرابة ﺃربع ساعات، عاد بعدها الجمهور إلى الحافلات، ومنها إلى المطار، حيث تضاعفت الفوضى هناك من خلال ارتفاع الأصوات والتصرفات الغريبة من بعض المشجعين، إلى جانﺐ استمرار عمليات البحث عن الجوازات والفوضى التي صاحبت تسليمها؛ ما ﺃدى إلى تأخير كبير في المغادرة وسط غياب تام من الدور الإشرافي التنظيمي إلى ﺃن جاء وقت المغادرة. ولم تكن عملية استلام الجوازات نهاية المطاف، بل تواصلت مراحل الفوضى عندما همّ الجميع بالخروج من بوابة المغادرة، حيث حاول ﺃحد المشجعين مضايقة إحدى العاملات في مطار مسقط؛ ما ﺃثار استياء الجميع، وكادت ﺃن تنشﺐ مشكلة كبيرة لولا حضور فيصل العبدالهادي الأمين العام للاتحاد السعودي لكرة القدم ومحاولته تهدئة الأوضاع. وتزاحم الجمهور السعودي ليركﺐ الحافلة المخصصة لنقلهم إلى الطائرة، وعند الوصول إلى السلم ﺃخبرهم سائق الحافلة ﺃن عليهم البقاء بعض الوقت حتى تجهز الطائرة؛ لتبدﺃ رحلة ﺃخرى من المعاناة عندما ﺃشعل عدد من المشجعين سجائرهم دون وجود تهوية؛ ما ﺃدى إلى اختناق مشجع يعاني الربو وإغمائه؛ لترتفع الأصوات طلبا للتهوية، فكان لا بد من فتح باب الحافلة ليتدافع الجميع نحو السلم رغم عدم السماح لهم بذلك، وازدحموا على السلم دقائق عدة، وبعد ﺃن ﺃفاق المشجع المصاب بالربو سقط مشجع آخر نُقل فوق الرؤوس على السلم حتى تم إدخاله إلى الطائرة التي تواجد فيها طاقم آخر، واستغل البعض انشغال طاقم الطائرة بالمشجع المغمى عليه ليقتحموا الطائرة بصورة فوضوية. حاول الطاقم الجديد للطائرة إسعاف المشجع، ونجح في ذلك بمساعدة الطبيبة إلا ﺃنه عاد إلى الإغماء من جديد لتقرر الطبيبة إنزاله فورا من ﺃجل نقله إلى المستشفى، وبالفعل تم إنزاله مع شقيقه بعد التنسيق مع السفارة السعودية في مسقط. واعتقد الجميع ﺃن الأوضاع ستهدﺃ إلا ﺃنها عادت إلى التأزم من جديد بعد ﺃن نشﺐ خلاف بين ﺃحد المضيفين واثنين من المشجعين، ﺃصر خلاله المضيف على نزول المشجعين من الطائرة رغم محاولة الكابتن إقناعه بتأجيل اتخاذ ﺃي إجراء ضدهما إلى حين الوصول إلى الرياض، في الوقت الذي رفض فيه المشجعان النزول حتى اضطر الطاقم إلى استدعاء الشرطة العمانية من ﺃجل إنزالهما. ﺃحداث متسلسلة في مسقط انتهت بنوم عميق في الطائرة من المشجعين الذين قضوا يوما شاقا ومليئا بالأحداث المثيرة. وكانت "شمس" قد ﺃجرت عدة اتصالات بفيصل العبدالهادي الأمين العام للاتحاد السعودي لكرة القدم إلا ﺃنها اصطدمت بعدم رده على اتصالاتها في بعض الأحيان، وفي ﺃحيان ﺃخرى يكون هاتفه المحمول مشغولا.