هل فقدت الصحافة الشعبية المحكية دورها الإعلامي وتحولت بعض وسائل الإعلام فيها إلى ﺃرشيف لما ينشر على الشبكة العنكبوتية "الإنترنت"؟ سؤال يطرح نفسه بعد جولة متابعة في الصحافة الشعبية من مجلات وصحف، ﺃو حتى برامج فضائية صارت تعتمد على الإنترنت كرافد ﺃساسي لموادها الإعلامية. الشعراء هم ﺃنفسهم و ا لقصا ئد نفسها، حتى المواضيعالشعريةوالحوارات باتت تظهر على صفحات الملفات الشعبية مع إعادة (تدوير) بعضها ﺃحيانا، ويكفي ﺃن يوضع اسم الشاعر ﺃو شطر من قصيدته ﺃو جملة من حواره في مؤشر البحث؛ حتى تظهر جلية سياسة القصواللصقالتييعتمدها بعضالصحافيينالشعبيين؛ وهذا ما يجعل الشاعر يدور في حلقة فارغة يكرر نفسه وتصريحاته وقصائده غالبا، من دون ﺃن يعي ﺃن هذا التكرار (محرقة) لنتاجه. يجيبنا الشاعر محمد علي ا لعمر ي مشر ف صفحا ت بالمحكي ب(الاقتصادية)، وملفديمومةبمجلةفواصل قائلا: "في الكثير منها نعم، تعتبر بعض صفحات الشعر ﺃرشيفا لما ينشر في الأنترنت، مع ملاحظة وجود ملاحق وملفات ترفض نشر ﺃي مادة منشورة، سواء على الإنترنتﺃوغيرهبشكلقاطع، وفي نظري ﺃن الأسباب تعود إلى استعجال الشاعر في تلقي ردود ﺃفعال، وبالتالي يتوجه إلى الإنترنت فور انتهائه من قصيدته، إضافة إلى كسل مسؤول الملف ﺃو الملحق في الحصول على مادة حصرية. ﺃما ممدوح الراوي مدير الإعداد بقناة المرقاب يجيبنا قائلا: "نعم. صحيح! ، لكن اللوم هنا يقع على الصحافة نفسها، حيث إنها لم تعد تبحث عن قصائد ﺃو مواضيع حصرية وبدﺃت في الاعتماد على الإنترنت من باب (سهولة) إعداد الملف ﺃو الملحق، المسألة لا تتعدى كونها (قص ولزق"). سابقا كان الإعلام الشعبي رغم ضآلة قنواته ووسائله قادرا على صناعة النجم في مجال الشعر المحكي ك(قطوف) الأولى و(المختلف) في بداياتها، كما كانت وسائل الإعلام الشعبية والملفات المعنية بذلك، مع كل صدور لها تقدم ما من شأنه تحريك ركود الساحة الشعبية، لكن في زمن الطفرة الإعلامية، التي من المفترض ﺃن توسع رقعة المنافسة لصالح الشعر والشعراء بتنا نشهد دخول الإعلام الشعبي مرحلة غيبوبة تتمثل بسياسة ملء الصفحات ونشر المنشور وتدويره للتيقن بأننا لن نشهد نجوما حقيقيين في مجال الشعر، ولن يقدم لنا الإعلام الشعبي مفاجآت في هذا الصدد ما دام الإنترنت يوفر لكل شاعر فرصة ترويج نفسه بنفسه وفرصة ادعاء ا لنجو مية مقا بل تحو ل الإعلام الشعبي لشكل من ﺃشكال الأرشفة؛ لذلك حري بالقائمين على الإعلام الشعبي ﺃلا يتوقعوا ظهور شريحةمنالقراءلمطبعاتهم بمعنىﺃنالملفاتوالملاحق الشعبية سيختصر جمهورها على من تنشر له، حيث إنها غير قادرة على صناعة مجال (يصحفن) الشعر من خلال الطرح، فكل ما في الأمر الآن لايتعدىتمريرقناعات، ومنح مساحات إضافية لا تخدم في كل ﺃشكالها سوى صناع الورق (والمطابع، وهذا يعد شكلا من) خيانة إعلامية، إذ من الواجﺐ ﺃن تبادر الملفات والملاحق الشعرية بإيجاد مناخ إعلامي شعري، فيه من الطرح والآراء والجدل والمناقشات والنصوص الكثير. كان من الأفضل ﺃن تصنع الصحافة الشعبية المقروءة خطا يتقاطع بشفا فية مع ا لإ نتر نت يخدم الشعر نفسه، ومن ثم الشاعر، خاصة ﺃن عمل كهذا بإمكانه ﺃن يجيّش الوسائل بأشكالها كافة لمصلحة (الأدب)، ﺃو على الشعراء ﺃن يتبنوا مستقبلا إنشاء مواقع شعرية متخصصة، مستغنين بذلك عن الإعلام المقروء والمرئي، ولعل خيار التعامل مع مواد الإنترنت ضمن نظام (حماية حقوق الملكية الفكرية) سيضع تلك الملاحق والملفات في ورطة كبيرة، وقد نفرح مستقبلا بتغطيةﺃولقضيةتنظرﺃمام القضاء فحواها: نشر مشاركة في الإنترنت على صفحات إحدى الملاحق والملفات دون وجود إذن خطي مسبق من الشاعر!