هذه الأحداث والمواقف كانت مدعاة إ لى ﺃ ن يفكر محمد ا لعمر ي في مستقبله كثيرا، ﺃين سيتوظف؟ ! كيف سيعول نفسه؟ ! ﺃ سئلة تقض مضجع السليم؛ فكيف بمن في مثل حاله؟ ولكن ما هي إلا فترة وجيزة، بحث فيها العمري عن وظيفة، فإذ به يجد القبول من شركة الاتصالات السعودية، التي وفرت له عملا يتنا سﺐ مع وضعه الصحي، وبذلك تجدد البشر في نفسه، بعد ﺃن حقق ذاته، وﺃصبح عضوا فعالا في مجتمعه. من يعرف العمري، يدرك ﺃن هذا الإنسان لا يمكن ﺃ ن يتو قف طموحه عند نقطة؛ فبعد ﺃن حقق مبتغاه، ﺃصبح يمني نفسه با لتقد م الوظيفي، ولكن وقفت ﺃمام هذا الطموح رسائل سلبية يبعثها البعض، تدور حول القناعة بما هو فيه؛ لأن ما يعيشه حقيقة يعد حلما صعﺐ المنال لدى من يعانون مشكلته الجسدية! ، ولكن للمرة الثانية كان العمري مع فرصة ﺃخرى تمثلت في بر نا مج "فرصة لا تعوض"، الذي طرحته شركة الاتصالات السعودية، والذي يهيئ لموظفي الشركة من السعوديين الالتحاق بالوظائف الفنية؛ فتقدم العمري وكله إصرار على الظفر بهذه الفرصة، وبهذا ا لطمو ح ا ستطا ع ﺃ ن يلتحق بالبرنامج، ويجتاز الاختبارات التحريرية، محققا بذ لك ا لمر كز الأول على مدينة جدة و ا لثا لث على مستو ى السعودية في الدفعة الأولى البالغ عددها 113 موظفا؛ الأمر الذي دفع يحيى التوم (المهندس القائم على البرنامج)، و ز ملا ء ه ا لعا ملين معه على الحرص على تواجده من ضمن قائمة البرنامج، التي تضم ﺃكثر من 241 موظفا، وعرض المهندس فكرة زراعة طرف صناعي مكان اليد الضامرة التي كانت تقف عائقا ﺃمام انخراطه في هذا البرنامج. بعد ﺃن وجد القائمون على البرنامج جدية محمد وتفوقه، خاطبوا سعد ظافر القحطاني نائﺐ رئيس الشركة، الذي رحﺐ بالفكرة، ورفعها لسعود الدويش رئيس شركة الاتصالات السعودية، الذي ﺃبدى موافقته جدة واجتيازه الدورة بترتيبه الأول فيها على مستوى محافظة جدة والثالث على مستوى السعودية. ويضيف "إيمان الشركة بدورها الإنساني تجاه هذه الفئة ونظرة مديريها الثاقبة وراء إتاحة الفرصة للعمري لتحويل وظيفته من إداري إلى فني". ووجه بسرعة تنفيذ زراعة العضو الضامر لدى محمد العمري بأي تكلفة كانت على حساب الشركة، سواء داخل ﺃو خارج السعودية؛ فتوجه محمد إلى المستشفيات المختصة في زراعة الأعضاء، التي قدمت له عرضين كان ﺃحدها زراعة من خلال عملية بتر اليد الضامرة، ﺃ و تر كيﺐ و صلة د و ن التدخل الجراحي؛ فاختار ا لعمر ي ا لحل ا لأ خير؛ معللا ذلك بما تربطه من علاقة حميمة مع يده، وبعد ذلك ذهﺐ إلى ﺃحد المراكز المختصة في محافظة جدة؛ فركبت و صلة للعضو ا لضا مر! وبدﺃت بعملية تأهيل من خلال وصلة ﺃلحقت بيد ه؛ لمعر فة كيفية عملها من خلال انقباضها وانبساطها، وتم التأهيل بذلك، ثم باشر عمله الفني من خلال الخروج للمقسما ت ا لكبير ة، والذهاب إلى صيانة الهاتف لدى المشتركين عند الحاجة. وعن مدى تقبل العملاء لمحمد، يذكر العمري ﺃن ابتسامته التي يقابل بها العملاء هي السلاح الذي يستخدمه لكسﺐ العميل وجذبه قبل رؤيته لطرفه الصناعي، كما يضيف ﺃنه وجد منهم التشجيع والتأييد ورفع المعنويات من خلال الإشادة به، وبجديته، وقدرته على تحدي هذه الإعاقة، ويذكر نواف العنزي (زميل محمد العمري في الجولات الميدانية)، ﺃنه يعتبر مثالا في الأخلاق والشجاعة والإصرار، كما ﺃ نه متفا ن في عمله، ويقابل العملاء وزملاءه بابتسامته ا لعر يضة ا لتي تبعث السرور داخل النفوس، ولديه جلد عجيﺐ للإلمام بعمله وبحثه عن تطوير ذاته؛ الأمر الذي جعله يتفوق مهنيا على زملائه الطبيعيين.