هو (رمز) للأب العامل، و ا لذي يشتغل بجهد كبير ليس لشيء يرضي به نفسه وحسب، بل من أجل أن يحفظ لعائلته (كرامتها) سواء أكان قاصدا ذاك، أم عن غير قصد. تلك الكرامة التي (تسربت) إلى بيوت كثيرة لا تملك من المال الكثير، ولكنها بالعلم رفعت بيوتا (لا عماد لها)، كما هو حال (الجهل) الذي به تهدم بيوت العز والشرف. كل يوم تجده في أحد أحياء العاصمة المقدسة على الطريق يركن تلك السيارة على قارعة الطريق لبيع (الحبحب) مستغلا (حوضها) كمكان يضع فيه فاكهة (الحبحب)، تلك الفاكهة التي يحلو للكثير رؤيتها تزين مائدة إفطارهم. يبقى واقفا في مكانه منتظرا الزبائن حتى يحين موعد رحيله قبيل الإفطار بدقائق معدودة، ثم يذهب لتناول الإفطار في بيته مع أهله وأبنائه، وهكذا طوال شهر رمضان المبارك. ذلك هو العم سليمان الصاعدي ( 55 سنة)، الرجل (الكهل) الذي يعمل بائعا لفاكهة ال(حبحب) منذ عشر سنوات، والذي كان يعمل قبل ذلك في قيادة الشاحنات بين المدن لنقل البضائع من هنا وهناك. يقول العم سليمان عن مهنته (الحالية): ”كل يوم أحضر لهذا المكان لكي أبيع ما تيسر لي من (الحبحب)، وأعود بأرباحه إلى البيت، أنا مرتاح في عملي هذا الذي يدر علي مبلغا لا بأس به“. يحدثني عن (تاريخ) مهنته مبينا لي أنه يبيع (الحبحب) منذ عشر سنوات متنقلا من مكانٍ إلى آخر، بعد أن كان يعمل ك(سفري) سائقا لشاحنة يملكها، موضحا أنه منذ عشر سنوات ترك قيادة تلك الشاحنة لقلة مردودها المادي ولكونها متعبة نوعا ما. أما مكسبه من بيع (الحبحب) فقط كفاكهة وحيدة دون بيع غيرها يقول العم سليمان: ”البيع ( يمشي حا له ) مشيرا إلى أنه يحضر هذه الفاكهة يوميا من (الكعكية جنوبمكةالمكرمة) ويبيعها على سيارته، أما بالنسبة إلى أسعار (الحبحب) فيجيبني بأنها متفاوتة، فهو يبيع بخمسة ريالات للحجم الصغير وبعشرة ريالات للحجم الكبير. وبسؤاله عن إمكان افتتاح محل لكي يبيع فيه فا كهة (الحبحب) و غيرها من الفواكه والخضراوات، يجيبني بأن المحل ذو تكاليف عالية جدا، فمن استئجار محل، إلى عمل بعض الديكورات، وخلاف ذلك من تفاصيل أخرى مكلفة من و جهة نظره إذ يعتقد أن (أقل محل) سيكلفه على الأقل ما يقارب 20 ألف ريال. يقول العم سليمان: ”أنا أبيع ما تيسر لي في سيارتي التي ملكها على قدر استطاعتي وما أربحه بفضل الله تعالى راضٍ عنه“. أما عن حياته الشخصية وتفاصيلها فيحدثني قائلا: ”لدي سبعة أبناء، وكلهم متعلمون ولله الحمد“. أما عن أبنائه والمقدرة على لتنسيق ما بين عمله من جهة و تر بيتهم من جهة أخرى يحدثني العم سليمان بأنه على الرغم من بساطة عمله إلا أنه استطاع بفضل الله تعالى أن يعلم أبناءه أفضل تعليم و ير بيهم أ حسن تربية، فمنهم من تخرج من الجامعة ومنهم من لا يزال يواصل تعليمه الجامعي، وسيتخرج بإذن الله.