وفي النكتة أنه عند فرض حظر التجول في منطقة عرف عن كثير من سكانها الفضول الشديد، فقد خرج أولئك الفضوليون حتى «يشوفون وش السالفة»! أما اليوم فقد تكفل الزمن بتحويل النكتة السابقة إلى حدث بالصوت والصورة لتقف بشكل أدق عند تفاصيله، ولتشاهد عن قرب أغرب كواليسه! فما إن يعلن الدفاع المدني عن تنفيذ أي فرضية من فرضيات الإخلاء أو الحريق، إلا ويحتشد المتجمهرون الذين تشاهدهم عند كل حادث وتميزهم عند كل حريق، احتشدوا من كل مكان حول مسرح تنفيذ الفرضية، ما أدى كنتيجة أولى إلى اختناقات مرورية شديدة، وكنتيجة ثانية إلى فشل التجربة بأكملها! أما ما يستفاد من النكتة الحقيقية السابقة، فهو أننا ما زلنا نعيش أزمتين كافيتين للقضاء على الأحداث المشابهة، افتراضية كانت أو حقيقية! فالأولى تتمثل بأزمة تنظيم وتنسيق بين الجهات ذات العلاقة نقطف ثمارها جثثا لأبرياء وعددا من المصابين ومثلهم محتجزون واختناقات مرورية، ما يجعل التوقع بفشل العملية بديهيا! وأخرى تمثل أزمة وعي مجتمعي ما زال بعض أفراده يسابق سيارة الإطفاء ليصل قبلها لموقع الحريق، ثم يقوم بمسح شامل لموقع الحدث ليتأكد بشكل قاطع عن أسبابه وعن عدد المصابين وحجم الأضرار، ثم إنه لن يتزحزح من هناك قبل أن يُخمد آخر عود محترق، وقبل أن يحلف له أحدهم أنه يمثل مصيبة ثانية بجانب المصيبة الأولى! وتقفز لذهني مع كل تجمهر لامسؤول نكتة الفضولي الذي لم يستطع اختراق صفوف زملائه في المهنة الذين حضروا مبكرا ثم تحلقوا بشكل محكم حول جثة ملقاة على الأرض بشكل لم يمكنه من الوصول للجثة، فصاح بأعلى صوته «وخروا، هذا أخوي» فما كان منهم إلا أن أفسحوا له الطريق ليجد نفسه وجها لوجه مع جثة حمار نافق!