تعد لعبة البيسبول الرياضة الأكثر شعبية في أمريكا، ومن هذا المنطلق فقد انعكس هذا الحب كثيرا في عمليات استعادة وتكريم هذه الرياضة ونجومها وأجوائها الحماسية. وكثيرا ما قدمت هوليود العديد من الأفلام عن أجواء هذه الرياضة ومشاهيرها تراوحت بين مختلف الصنوف، وأداها الكثير من كبار ونجوم هوليود ك«آل باتشينو- روبرت دي نيرو- كيفن كوسنر- برادلي كوبر..». ومن هذا المضمار يجيء فيلم «كرة المال» ليستلهم أجواء هذه اللعبة بحيث يُحمل على تلك القصة مقولاته عن الكفاح ومواجهة العثرات والتغلب عليها في سبيل فرض الإنجاز والتفوق، بالاتكاء على رصد إنجازات واحد من أهم المشاهير في مجال صناعة هذه اللعبة. إلى النصر بفكرة غريبة رغم كثير المعارضات. تدور أحداث الفيلم الذي يحتل المرتبة الخامسة في شباك التذاكر الامريكية بعد ان حقق 58.5 مليون دولار في أجواء رياضة البيسبول لتحكي قصة «بيلي بين» المدير العام لفريق «أوكلاند أتليتيكس» في ولاية كاليفورنيا، الذي حقق بعض النتائج الجيدة قبل أن يحمل عام 2001 كارثة للفريق والمدير «بيلي» تمثلت في مغادرة ثلاثة من لاعبيه الأساسين. ومن هنا ستبدأ أحداث الفيلم بمحاولات المدير «بيلي» الحثيثة لتجميع فريق قادر على المنافسة ببطولة عام 2002، ولكن العائق الأساسي أمامه هو الإمكانات الضئيلة، وتكون المحاولة الأولى بإيجاد لاعبين جدد يخوض بهم غمار بطولة 2002، ورغم ذلك يخسر الفريق المركز الأول ولم يحصل حتى على المركز الثاني في المباريات الرئيسية، لكنه بقي محط تشجيع هواة وجمهور «البيسبول» لدرجة تحقيقه بعض الأرباح رغم خسارته أرض الملعب، وهو ما مرده كما نشاهد في مشاهد فلاش باك وثائقية نجاحات الفريق سابقا. وخلال زيارة يقوم بها «بيلي» لولاية كليفلاند يلتقي «بيتر براند» وهو خريج جامعة «يال» بمجال الاقتصاد ويحمل أفكارا غريبة حول كيفية تقييم قيمة اللاعبين. وهكذا سيتعاون الاثنان لتطبيق قواعد «OBP» الحاسوبية من خلال استخدام إحصاءات الكمبيوتر لاتخاذ قرارات بشأن اللاعبين الذين ينبغي التعاقد معهم، ومن هنا سيدخل «بيلي» في صراعات مع إدارة النادي والمستثمرين، وعلى رأسهم « تشاد برادفورد» و«هاوي» المدير الأعلى ، وخصوصا بفكرته بالاعتماد على لاعبين مغمورين يختارون حسب قواعده . ومع بداية الموسم الجديد يبدأ الفريق ببداية متعثرة تزيد من حدة الانتقادات لبيلي ونهجه الذي يصف بأنه فشل ذريع، ولكن ما تلبث النتائج أن تتحسن شيئيا فشيئا، لتنتهي البطولة بفوز غير مسبوق في تاريخ الدوري الأمريكي للفريق، ومن هنا ستتوالى المنافسات الشاقة التي يفوز بها الفريق، وبالرغم من العقبات الكثيرة وآخرها تعثر الفريق في مباراة بوسطن، ولكن سيظهر «بيلي» في النهاية وهو راض عن أداء الفريق وطريقته في الاختيار. وفي الختام يشير الفيلم إلى أن «بيلي بين» قد أصبح المدير العام لفريق«بوسطن ريد سوكس» على الرغم من العرض الذي قدمته جهات أخرى لتمنحه أعلى أجر في تاريخ لعبة البيسبول، وسيعرض بنهاية لتحقيق الفوز في بطولة بوسطن بعد وقت قصير من بطولة العالم في عام 2004، استنادا إلى نظريات بيلي الرائدة. تعثرات الإنتاج والنهاية المبهرة الفيلم مقتبس من قصة كتاب «كرة المال - فن الفوز بلعبة غير عادلة» للكاتب الأمريكي «مايكل لويس» الذي حظي بالكثير من الشهرة وتربع على عرش قائمة أكثر الكتب مبيعا لأسابيع طويلة عام صدوره في ال2003، وهكذا فقد اشترت شركة الإنتاج الشهيرة «كولومبيا بيكتشرز» حقوق تحويل الكتاب إلى فيلم، وبدأت العمل على المشروع في بدايات عام 2007 من خلال اختيار اثنين من الكتاب المشهورين في هوليود هما «آرون سوركين» هو الذي قدم سيناريو فيلم «الشبكة الاجتماعية» و«ستيفن زايليان» الذي وضع سيناريو أفلام أوسكارية منها «لائحة شندلر – بنادق نيويورك» وقد تم اختيار المخرج الشهير «ستيفن سودربيرج» لتنفيذ العمل بداية، لكنه لاحقا تركه، بسبب خلاف حول طريقة التنفيذ، ليحل محله المخرج المبدع «بينيت ميلر» صاحب فيلم «كابوتي» الذي لعب بطولته النجم المخضرم «فيليب سايمور هوفمان» وفي فيلمه «كرة المال» يقدم «ميلر» رؤية إخراجية غاية في الإبداع والروعة من خلال التركيز على انفعالات الشخصيات ومعاناتها في رحلة النضال، عبر الاستخدام المدروس لحركة الكاميرا وزوايا التصوير واللقطات القريبة، وبمزاوجة مع اللقطات البعيدة في المباريات، وبتحميل رئيسي على أداء الممثلين وخصوصا النجم «براد بيت» الذي قدم دورا يحسب في رصده الفني. ومنذ إطلاقه حصل الفيلم على إشادات وتنويهات إيجابية كثيرة بالمستوى الفني العالي للفيلم من أغلب النقاد، وقد حصد الفيلم في شباك التذاكر الأمريكية حتى الآن ما يقارب ال58 مليون دولار أمريكي .