أكثر ما يستفزك في بعض الأطروحات الإعلامية هو التمجيد المبالغ فيه من قبل بعض المعمرين للأجيال الرياضية السابقة، وتصوير تلك الأزمنة الغابرة وكأنها هي النموذج الحقيقي لأجيالنا، رغم أنها لا تتعدى إطار الأولوية ولا يمكن أن تصل بأي حال من الأحوال لمرحلة التفوق المطلق والسقف الأعلى للنجاح.. هي مرحلة أسست للرياضة لكنها لا يجب أن تكون أكثر من ذلك، وبالتالي لا نريد المزيد من البكاء والعويل على زمن ماجد وصالح خليفة والآخرين.. لأن ذلك يعتبر تأخرا حقيقيا في الفهم الكروي، فالمشجع عليه أن يتحسر كيفما شاء، لكن الكاتب يجب أن يكون أكثر نضجا ويدرك أن لكل مرحلة فروقاتها ومتغيراتها، ويسعى للاقتراب من الإنصاف قبل أي شيء آخر، ويضع المسألة في ميزان النقد، فالأجيال الجديدة وإن أصبحت أقل حيوية ونشاطا، إلا أنها تعتبر هي الأفضل في الكثير من المقاييس الفنية والتكتيكية والاحترافية والسلوكية أيضا، أما زمن «الهواة» فله سلبياته وإيجابياته وذكرياته الجميلة أيضا لكنه لا يجب أن يكون هو النموذج الثابت في تاريخ الرياضة السعودية. وخلال متابعتي في الفترة الماضية وجدت أن عددا من الكتاب وأصحاب الأطروحات يميلون للتغني بزمن «ماجد» كثيرا، ويربطون ذلك بعدم قدرتنا على الفوز في تصفيات كأس العالم، رغم أن ذلك الزمن الذي يعشقونه ليس أفضل حالا في الكثير من الاستحقاقات التي خرج منها المنتخب ب«خفي حنين»، بدليل أن أفضل الإنجازات الرياضية في تاريخنا الكروي وهي التأهل لكأس العالم أربع مرات تحققت بعد تواري ذلك الجيل، ولا أظن أن هناك مبررا منطقيا لهذا التفضيل المطلق.. الأمر الذي يجعلني أجزم بأن هذه القناعة ترتبط ارتباطا وثيقا بالقناعة الاجتماعية السائدة التي تؤكد على أن زمن الجمال انتهى، وأصبحت الحياة برمتها أكثر تعقيدا وغيابا عن المتعة.. فالمسألة في تصوري لا علاقة لها بقناعات فنية ومنطلقات واقعية بل هي لا تخرج عن كونها ميلا للأزمنة البسيطة الماضية. وأمام ذلك فإنني مقتنع كل الاقتناع بأن الأجيال الحالية والقادمة لو تخلصت من عقدة الماضي التي نتفنن في صنعها أمامهم.. قادرة على تجاوز كل الأزمنة وستصنع لنا أمجادا تضاهي السحاب.