يتميز هذا الممثل بقدرة كبيرة على استيعاب الشخصية التي يقوم بأدائها ورسم ملامحها بتمثيل عفوي بحيث ينسى المشاهد أن ما يشاهده تمثيل، وفي كثير من الأحيان يوصل المشاهد إلى هدم الجدار الفاصل بين خيالية التمثيل والواقع. يعده النقاد مدرسة تمثيل متكاملة أسست لأجيال ظهرت وهي تتقمص تعاليمه وأداءه، وبالرغم من أدائه الكثير لأشهر شخصيات العنف القيادية المتعجرفة،إلا أن ذلك يخفي حقيقته القائمة على شخصية خجولة ومتواضعة لدرجة كبيرة، وهي ما سببت قلة حواراته على مدى مسيرته الطويلة التي هي بحق أسطورة في الكفاح. ولد «ألفريدو جيمس باتشينو» في 15 إبريل 1940 بحي برونكس الجنوبية في مدينة نيويوركالأمريكية، لعائلة فقيرة من أصول إيطالية ترجع إلى جزيرة صقلية، حيث كان أبوه «سلفاتور باتشينو» بائعا متجولا، وأمه «روز» ربة منزل، ومنذ ولادته لم تكن حياته طبيعية، فإلى جانب الفقر كان هناك حدث كبير أثر لاحقا في حياته هو طلاق والديه، ومغادرة أبيه المنزل وتركه هو وأمه وحيدين منذ أن كان في الثانية من عمره، وهو ما جعله ينتقل إلى العيش مع جدته. خلال فترة المراهقة سجن «ألفريدو» ثلاثة أيام بتهمة حيازته سلاحا دون ترخيص، وهنا يظهر دور أمه الكبير في حياته حيث دفعته للابتعاد عن تلك الحياة البائسة قبل أن تتوفى وهو لم يتجاوز ال16. كان «ألفريدو» مهتما بالتمثيل منذ صغره حيث كان شغوفا بالمسرح الذي بدأ فيها ممثلا مسرحيا أدى أدوارا مميزة أثارت اهتمام الجمهور والنقاد، وفي منتصف السبعينات شق طريقه إلى السينما بفيلمي «The Panic in Needle Park» و«Me،Natalie» حتى شاهده المخرج «فرانسيس فورد كوبولا» وكان يعد لفيلم «العرّاب» ووقع الاختيار على «ألفريدو» للقيام بدور شخصية «مايكل كورليوني» زعيم المافيا. رغم معارضة شركة الإنتاج التي أرادت ممثلا مشهورا وتردد «ألفريدو» آنذاك الذي لم يريد القيام بالدور كونه كان يطمح في الحصول على دور في أحد الأفلام الكوميدية لاعتقاده بأن الجمهور لا يحب من يؤدي الأدوار الشريرة. وفي هذا الفيلم الذي دخل التاريخ بوصفه أهم الإنجازات السينمائية، فظهرت موهبة «ألفريدو» وإمكانياته الكبيرة في مقابلة العملاق «مارلون براندو». ومن بعدها قدم العديد من الأدوار التي كرسته نجما مطلقا في عقدي السبعينات والثمانيات، حيث تعاون «ألفريدو» مع المخرج الكبير«سيدني لوميت» وشارك معه في عملين مهمين هما «Serpico 1973» وقد حاز جائزة «الجولدن جلوب» أفضل ممثل عن دوره هذا، ونال أول ترشيح للأوسكار كذلك وبفيلم «Dog Day Afternoon 1975». وقدم فيلمه المهم «سكارفيس 1983» بدور المجرم الكوبي «توني مونتانا» وترشح على إثره لجائزة «الجولدن جلوب» أفضل ممثل، والفيلم يعد من أبرز أفلام الجريمة وهو من إخراج البارع «برايان دي بالما». وفي عقد التسعينات قدم روائعه الأكاديمية التي بدأت بفيلم «ديك ترايسي» الذي أعاده مجددا إلى عوالم المهرجانات والجوائز، حيث ترشح عن دوره هذا لجائزتي الأوسكار والجولدن جلوب لأفضل ممثل مساعد. بعد ذلك وفي نفس العام ظهر«آل» في الجزء الثالث من سلسلة العرّاب. ثم في عام 1991 شارك في الدراما الرومانسية العذبة «فرانكي وجوني» مع النجمة الجميلة «ميشيل فايفر»، وفي عام 1992 ظهر «آل» في فيلمين كبيرين بحق، الأول هو فيلم «غلين غاري غلين روس»، أما الثاني فهو فيلم «عطر امرأة» الذي كان ولا يزال المحطة الأبرز في تاريخه، إذ حاز على أدائه المبهر لدور الكفيف فيه على جائزة الأوسكار الوحيدة في تاريخه الفني مع أنه رشح لها ثماني مرات. وكثيرا ما تقابل مع منافسه اللدود وصديقه العزيز«روبرت دي نيرو» في عدة أفلام أشهرها «حرارة» من إخراج العملاق «مايكل مان». في عام 1996 كانت لنجمنا الكبير تجربة مميزة حيث أخرج فيلمه الجميل «نظرة إلى ريتشارد» وبعدها قدم أدواره الكبيرة في فيلمي «محامي الشيطان» و«أي أحد مقدم» للمخرج الكبير أوليفر ستون، وصلا للألفية الثالثة حيث قدم دورا شهيرا في فيلم «معجزة في فينيسيا» مع المخرج «ميشيل رادفورد». لا يكاد استطلاع يمر إلا ويكون على قمته أهم ممثل أو رجل مؤثر، أو أكثر شخصية محبوبة أو مشهورة في العالم.