علمت «شمس» من مصادر مصرفية موثوقة -فضلت عدم الكشف عن اسمها- أن المملكة تدرس إطلاق بورصة جديدة معنية بالسلع والمعادن لتكون بجانب السوق المالية التي تعادل نحو 35 % من أسواق منطقة الشرق الأوسط. وكشفت المصادر أن المجلس الاقتصادي الأعلى في طور الانتهاء من دراسة المشروع الذي يحظى بدعم من وزارة المالية تمهيدا لرفعه إلى المقام السامي ثم إقراره. وبينت المصادر أنه سيتم تأسيس شركة تمتلك البورصة برأس مال يصل إلى نحو مليار ريال وهذا المبلغ يقارب رأس مال شركة السوق المالية السعودية «تداول» التي تدير سوقي الأسهم والصكوك في البلاد حاليا والبالغ 1.2 مليار ريال. ووفقا للمعلومات فستتقاسم بنسب مختلفة رأس مال الشركة الجديدة عدة مصارف سعودية، إضافة إلى بعض المؤسسات الحكومية ومن بينها المؤسسة العامة لمعاشات التقاعد، وصندوق الاستثمارات العامة -الذراع الاستثماري للحكومة-. وفي حال إقرار الحكومة السعودية لهذه البورصة الجديدة ستكون هي الثانية المخصصة للسلع في منطقة الشرق الأوسط بعد بورصة دبي، التي تعاني حاليا من عدة إشكاليات من بينها الأزمة المالية العالمية التي أثرت عليها وبشكل كبير. وأكدت المصادر المصرفية أن البورصة الجديدة ستركز على السلع بشكل عام، إلا أنها استبعدت إدراج قطاع النفط فيها بوصفه سلعة، حيث يجد معارضة من قبل وزارة البترول والثروة المعدنية وشركة أرامكو السعودية. وأعادت المصادر السبب إلى أن ذلك متوافق مع النهج الذي اتبعته الحكومة بإبعاد النفط عن المضاربات في الأسواق العالمية، حيث يتم بيع النفط السعودي مباشرة إلى العملاء. لكن المصادر أبانت أن مشتقات قطاع النفط سيتم تداولها في البورصة، ومن بينها قطاع البتروكيماويات، إضافة إلى تداول بعض السلع التي تستورها السعودية، ومنها القمح والحديد والألمنيوم والشعير، وتعتبر المملكة المستهلك الأول للسلعة الأخيرة. وكشفت المصادر أن أول من تبنى مشروع إطلاق بورصة السلع هما المؤسسة العامة لمعاشات التقاعد ومصرف الإنماء وهو أحدث البنوك السعودية وتمتلك الحكومة فيه 30 % من رأس ماله عن طريق صناديقها الحكومية. لكن آراء خرجت في المجلس الأعلى للاقتصاد طالبت بضرورة إشراك البنوك السعودية الأخرى في رأس المال رغبة في توزيع المشاركة وتشجيعها على التفاعل مع البورصة حين إطلاقها بتحويل جزء من أعمالها أو جل نشاطها في بورصات السلع العالمية إلى البورصة الجديدة. يشار إلى أن أحد المصارف السعودية ينفذ يوميا أعمالا تصل إلى نصف مليار دولار في بورصة لندن فقط. أمام ذلك، وصفت مصادر مصرفية المشروع في حال إقراره بأنه سيكون له تأثير إيجابي على القطاع المالي بشكل كبير فهو إلى جانب خلق فرص وظيفية للشباب السعودي سيسهم في خفض المخاطر والتكاليف على القطاع المالي وبقية القطاعات المرتبطة به وبالتالي ستنعكس على خفض التكاليف على المستفيدين النهائيين «مستفيدين ومستهلكين». معتبرة أن البورصة الجديدة ستساعد البنوك على خلق مصادر دخل جديدة لها يرفع من أرباحها، إضافة إلى أنها ستقلل من عوامل الارتباط مع القطاعات المالية في الخارج ولا سيما في الوقت الحالي، فرغم أن اقتصاد المملكة متين إلا أن هناك احتمالا لانتقال العدوى السلبية نتيجة ما تعانيه المؤسسات المالية في كثير من الدول من مخاطر تتمثل في الإفلاس وانكشاف مراكزها المالية. يشار إلى أن نسبة الأصول الأجنبية إلى مجموع الودائع في البنوك المحلية يعادل 19.1 % أي أن خمس الودائع لا بد من الارتباط الخارجي بها، فيما نسبة الأصول الأجنبية إلى مجموع الأصول البنكية في المملكة تصل إلى 13.4 % وبالتالي سيساعد انخفاضها بتقليل انكشافها على البنوك في الخارج. من جانب آخر يساعد إطلاق بورصة السلع على تفعيل دور اللجان الشرعية في البنوك السعودية ومراقبتها لأعمال المصارف، لضمان توافق القروض مع الشريعة، حيث سيستطيع المقترض شراء حديد أو قمح أو أي سلعة أخرى ثم بيعها في البورصة المحلية، بعكس المتبع حاليا، إذ يشتري البنك السلعة باسم المقترض ثم يبيعها في البورصات العالمية ما قد يوجد الشراء الصوري، عبر شراء سلع وهمية ثم بيعها على الورق دون التحقق فعلا من تملكها من قبل البنك المقرض وهو ما يخالف الشريعة الإسلامية .