الحادثة التي تناولتها الصحافة قبل أيام، التي اتهم فيها مواطن بالقذف من خلال رسالة نصية صدرت عن هاتف باسمه، كشفت أننا لا نزال بعيدين عن الحلول التي من شأنها أن تحفظ مختلف الحقوق. النصيحة الأمنية جاءت من المتحدث الإعلامي لشرطة جدة بضرورة أن يحفظ المواطن صور هويته المدنية، وفي هذا إشارة إلى مسؤولية المواطن، وفي الحد الأدنى مسؤولية إهمال، فيما صور الوثائق الرسمية للمواطنين موزعة في العديد من الأماكن، وعلى سبيل التعداد لا الحصر يمكن أخذها من سجلات المدارس، المستشفيات، البنوك، مكان العمل، مكاتب العقار، معارض السيارات، مكاتب الخدمات العامة، وغيرها الكثير، لهذا أكثر ما يحمله المواطن صور متعددة للهوية الوطنية؛ لأنها مطلوبة في كل شيء. المسؤولية في قضية القذف تقع على شركات الاتصالات التي تستخرج هواتف ثابتة ومحمولة بمجرد وجود صورة هوية وطنية، وحين تقع المشكلة لا تحاسب هذه الشركات بل يكون المسؤول هو المواطن الذي لا يعرف من أين ظهرت هذه الهواتف. مسألة تورط شركات الاتصالات في إصدار شرائح الهواتف ليست سرا، ففي كل زاوية تباع فيها الهواتف هناك لوحات مكتوب عليها الأرقام المخصصة للبيع، وهي لا تكلف شيئا، وفي الغالب تستخدم من أجل التمويه على الهوية الحقيقية للمستخدم، ومع ذلك لا يوجد تحرك جدي من أي جهة للقضاء على هذه الظاهرة، حتى إن الجهات الأمنية نشطت في فترة ما في هذا الاتجاه، وحملت شركات الاتصالات على إطلاق حملة تحديث بيانات، لكن هذه الحملة لم تكن جادة، فالكثير من الهواتف التي طلب من مستخدميها تحديث بياناتهم ظلت تعمل على الرغم من أنها لم تحدث خلال الفترة المحددة لذلك؛ ما يدل على أن التحرك ليس أكثر من إجراء هدفه الالتفاف على مطالبات بعض الجهات الحكومية.