ظلت قناة «الرأي» الفضائية التي أسسها رجل الأعمال العراقي مشعان الجبوري في المنطقة الإعلامية الحرة بالعاصمة السورية دمشق، تبث بصورة منتظمة رسائل صوتية مسجلة للزعيم الليبي الفار معمر القذافي تناول فيها الأحداث الجارية في ليبيا، وذلك منذ أن سيطر مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي على العاصمة طرابلس، 23 أغسطس الماضي. ولم تشر القناة إلى مكان وجود القذافي. وكان المتحدث باسم الزعيم المخلوع ذكر مرات عديدة أن القذافي ما زال في ليبيا يوجه مؤيديه الذين يدافعون عن عدد من البلدات أمام الهجمات التي يشنها مقاتلو الحكومة المؤقتة وضربات حلف شمال الأطلسي الجوية. ويتجول القذافي منذ أن فر من طرابلس داخل سيارة مزودة بتصفيح خاص وتكنولوجيا متقدمة وحماية تجعلها مثل دبابة تحميه من مطارديه، إلى درجة أنها لا تتأثر بالقنابل وتواصل سيرها دون أن يلحق بها وبمن في داخلها أي ضرر. ومثلما تميز القذافي بارتداء أزياء نابضة بالحياة، والنوم في الخيام البدوية أينما ذهب، وارتداء أزرار استفزازية ضخمة، والجري تحت حراسة نساء مدججات بالسلاح، فقد أضاف هذه الأيام السيارة المصفحة المصنوعة في فرنسا والتي تعتبر أكثر السيارات أمانا على وجه الأرض. وهي مجهزة بأكياس الهواء، ونظام دفاع إلكتروني، ومصدات قابلة للطي في حالات التصادم. والسيارة التي كشف تفاصيلها موقع «ميديابار» الفرنسي الشهير، حسب موقع «العربية نت»، رباعية الدفع ومعززة بمظلة حماية كهرومغناطيسية تردع أي تشويش عليها. كما تحمي من بداخلها من الصواعق ومن الحقول الكهربائية عالية التوتر، إلى جانب ردع موجات الراديو المعادية. وسيارة العقيد محمية أيضا من أي هجمات تهدف لتعطيل أجهزة الاتصالات المتطورة بداخلها وتمكنه من الاتصال بمن يرغب، وكأنه داخل مقره السابق في باب العزيزية بطرابلس. وهو يتمكن داخلها من تسجيل رسائل صوتية دون رصدها، ثم إرسالها عبر الإنترنت إلى أي محطة تليفزيونية يرغب في أن تبثها. وهو بالفعل ما يقوم به الآن عبر قناة «الرأي». ولم يسبق أن ظهر العقيد القذافي في أي صورة أو شريط فيديو وهو يستخدم سيارته المصفحة من قبل، وكأنه كان يخفيها حتى عن المقربين. وكثيرا ما ظهر في سيارات عادية وصغيرة لا تتمتع بأي حماية. ومن المفارقات الطريفة أن قرار بيع السيارة للقذافي تم في عام 2007 بدعم من وزير الداخلية الفرنسي حينذاك، نيكولا ساركوزي، في جزء من صفقة «اتفاق أمني» قيمته أكثر من 37 مليون دولار عبر أحد تجار السلاح الفرنسيين من أصل عربي، حسب الموقع الإخباري الذي أوضح أن ما تتمتع به السيارة من إجراءات وأجهزة وأنظمة للسلامة والحماية كبيرة إلى درجة يصعب معها الكشف عن المكان الذي يتواجد فيه داخل ليبيا. ولم يتم بيع السيارة للعقيد إلا بعد عام من التوقيع على الصفقة، أي حين تولى ساركوزي منصبه رئيسا لفرنسا. وبموجبها تم تزويد ليبيا بأجهزة وتكنولوجيا تساعد على مراقبة الاتصالات وشبكة الإنترنت والاطلاع على رسائل البريد الإلكتروني والدردشات في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. والصفقة مرتبطة بملف ساخن يتعلق ب«مكافحة الإرهاب». والرئيس الفرنسي الذي يتزعم الآن المحرضين على إسقاط نظام القذافي واعتقاله، كان سلمه السيارة التي يستخدمها ليفر بها من حلف شمال الأطلسي ومطارديه الليبيين، دون العثور على الموقع الذي اختفت فيه. ميدانيا، دارت اشتباكات، أمس، بين مقاتلي المجلس الوطني الليبي الانتقالي وقوات موالية للقذافي في بني وليد، من دون أي معارك كبرى حتى الآن. وفي موازاة الاشتباكات داخل بني وليد يقوم مقاتلون بين الحين والآخر بقصف بني وليد من مواقع خارجها بصواريخ موجهة، فيما ترد عليهم القوات الموالية للقذافي بقصف عشوائي بصواريخ غراد. وقال متحدث باسم المجلس إن الحكومة الجديدة في ليبيا ستعلن في غضون الأيام المقبلة وستشمل 22 حقيبة وزارية. ولم تثمر نقاشات سابقة لتشكيل حكومة انتقالية تكون شاملة بشكل أكبر. ولم يتضح بعد ما إذا كان المجلس، الذي مازال مقره في مدينة بنغازي الشرقية، قادرا على توحيد البلاد.