المتابع للساحة الفنية خلال شهر رمضان يلاحظ الكثير من الفروق التي يقدمها المنتج حيال عمله؛ فتارة تجد بعض المنتجين مؤلفا ومفكرا وبطلا وكل لقطات المسلسل من نصيبه حتى يحظى بفرصة البروز والبحث عن التسلق على أكتاف المشاهدين وكسب عواطفهم، فيتحول بذلك إلى الإعلام الفني الذي بدوره سيزيد التلميع، لمثل هؤلاء تنوعت الأعمال هذا العام وبقيت أخطاء العام الماضي، بل الأعوام الماضية تتكرر، لعل المتابع يرى أن مسلسل طاش 18 بهت بريقه وانطفأت شموعه ويرى مشاهد آخر، حيث ينظر من عدة زوايا، أن طاش كان الأقوى عمقا وفكرا وليس بمستغرب أن يملك الثنائي القصبي والسدحان هذه القوة طالما يستعينون في عملهم بخبراء ومفكرين وأساتذة لهم تخصصهم في كل ما يطرحونه، إلا أن ابتعاد المخرج عبدالخالق الغانم عن طاش لا يزال مؤثرا على العمل، من الناحية الإخراجية فاختلف الكثير عن عدد من الحلقات التي قدمها طاش والتي كانت منها «جاك الجني» التي تطرق لها الشيخ الدكتور عائض القرني في أحد لقاءاته: «حلقة طاش التي تحدثت عن القاضي الذي نهب أموال الناس في حلقة (جاك الجني) وعندما تم اكتشافه ادعى أنه أصابه الجن كان موضوعها جيدا ويجب على كل من انتقد هذا الطرح أن يعي أن هناك فرقا بين النقد في أفعال يفعلها الإنسان وليس هناك أي معصوم من الخطأ والقاضي والشيخ كلهم جزء من المجتمع ولا يوجد من هو فوق النقد كما يجب علينا عندما ننتقد ألا نصل بنقدنا للغلو والتعدي على ما نريد إيصاله، كما حصل في الحلقة الأولى من طاش في المشهد الذي كانت تقاس فيه اللحية، فهذا ليس بموجود لدينا أبدا ولكن يجب ألا نصور رجل الدين بهذا الشكل ولنعلم أن هناك العالم والدكتور، فلا يجب أن نصورهم بالصورة السلبية دائما أو ننقدهم بهذه الصورة ولكن يجب مراعاة النقد الذي لا يؤثر مستقبلا في نفوس الناس وأعجبني في نهاية تلك الحلقة اجتماعهم متآخين بقلب واحد في وطن واحد أنا مع انتقاد الظاهرة والخطأ وليس بصحيح أنه عندما يتم نقد شخص متدين يعني هذا انتقاد للدين، فالدين شيء والممارسات والأخطاء شيء آخر، عندما يتم نقد القاضي فليس هذا بنقد للإسلام؛ فالقداسة في النصوص فقط وليس في أشخاص هم بشر وليسوا بمعصومين حتى لا يتم نقدهم. وحول انتقاد طاش لوزارة كالقضاة ذكر «لماذا ننقد المرور والشرطة والوزارة والجامعة فكل هذه أجهزة من المجتمع وأيضا القضاة جزء منها، الجميع منتسب للإسلام ننقد كل من أخطأ ولا يعني أنه عندما ننقد شخصا ننتقد الدين، يجب علينا الفصل بين ممارسات الدين والعمل الذي يحملونه ويجب علينا ألا نصل بنقدنا بإيصال فكرة ورسالة غير التي نريدها حتى لا يفسرها الآخرون بشكل سلبي». كما أن الأمر لا يبتعد كثيرا في عمل «سكتم بكتم2» الذي تميز بتواجد الفنان فايز المالكي وبموهبته التمثيلية، فهو الذي يقدر في الوقت الجاري على مستوى الدراما السعودية أن يضحك المشاهد وفرضت البيئة البسيطة الشعبية التي يصورها العمل إلى متابعته كما ناقش هموم الناس في قالب بسيط بعيد عن التكلف أو العمق الفكري حتى وإن كان هناك ضعفا في النص والإخراج. وتميز العمل الدرامي «أيام وليالي» بالحبكة الإخراجية التي يقود بطولتها المخرج خالد الطخيم، إلا أن هذا لم يسعفهم في تقديم نص يكون له حضوره اللافت على مستوى الأعمال الدرامية التراجيدية. من ناحية أخرى حاول مسلسل «غشمشم» أن يقدم نفسه هذا العام بتغير عدد كبير من طاقم العمل بحثا عن إصلاح ما حصل في الأعوام الماضية والهروب من مسألة النقد واستقطاب عدد من المشاهدين وذلك بالطرح الشبابي إلا أن هناك أزمة المنتج البطل لا تزال عالقة. كما كان لعمل مباشر حضور على التليفزيون السعودي ولكن يبدو أنه إرضاء للأقاليم والمحافظات التي قدمت احتجاجها على التليفزيون السعودي لعدم تواجدهم فالعمل لم يقدم شيئا حتى الآن سوى أنه تم تعميده من خارج الرياض. ورغم انتقال حسن عسيري وطاقم مسلسل «بيني وبينك» للتليفزيون السعودي حيث كان الجميع يؤمل أن يرى نقله نوعية في خلق منافسة بين المنتجين والفنانين إلا أن «قول في الثمنيات» كان خارج دائرة المنافسة رغم احترافية المنتج والممثل حسن عسيري في التسويق للعمل قبل أن يعرض بأشهر. وياتي إجمالا أن التليفزيون السعودي لا يزال يحكم على الأعمال من رأي الصحفي ونقده ويأتي دور المنتج والبطل لمحاولة استلطاف جميع السلطات الإعلامية لأجل الهروب من مسألة النقد، وفي حالة وجد النقد فإن ذلك غير مقبول لدى الكثير من المنتجين الذين لم يصلوا بعد لمرحلة تقبل النقد. الحبكة الدرامية تخلق في وجدان المشاهد شعورا بأن الأحداث تنبع من بعضها بتدفق مشوق وتؤدي إلى ما يليها من أحداث على أساس منطقي هو منطق الأحداث نفسها وليس منطق الحياة العادية. إن هذه الشخصيات الدرامية تضطر اضطرارا إلى التحول والتطور الحتمي ولكن كل ذلك يتم من خلال أفكار الكاتب ومنطقه وحججه وبراهينه القاطعة .