يأتي فيلم المساعدة لينضم لعشرات الأفلام التي حاولت الخروج على سرديات الحلم الأمريكي وفضح مراحله المظلمة والآثمة بحق آلاف البشر باسم «تميز العرق الأبيض» واستعباد الناس والتحكم بمصائرهم لمجرد لون البشرة، وهو في هذا المضمار يقدم بحثا واستقراء لبشاعة تلك المرحلة والويلات التي عانها السود حتى حصلوا على المساواة اعتمادا على قصص الإناث السود اللواتي ربين واعتنين بأطفال البيض. حكاية كتاب يسهم بمواجهة عمى العنصرية تجري أحداث الفيلم في أوائل حقبة الستينيات من القرن الماضي في مدينة «جاكسون» بولاية «ميسيسيبي» الأمريكية خلال حقبة الدفاع عن الحقوق المدنية الأمريكية، وتدور أحداث القصة حول شابة بيضاء تدعى «يوجينيا سكيتر فيلان» وهي فتاة المجتمع الجنوبي التي تتخرج من «جامعة ميسيسيبي» وتعود لمدينتها عاقدة العزم على أن تصبح كاتبة، لتجد أن خادمة طفولتها وصديقتها الحبيبة قد اختفت في ظروف غامضة، فتعمل في جريدة محلية، ومن هنا ستواجه بواقع العنصرية التي لا تزال متفشية في المدينة، وهو ما سيسبب لها إرباكات ومشكلات مع صديقاتها والعمدة المتكبرة «هالي هالبروك»، وخصوصا بعد قرارها البحث وراء خلفيات مشروع «الصرف الصحي»، وهو مشروع القانون المقترح لتوفير حمامات منفصلة للمساعدات السوداوات. وفي خضم عصر التمييز على أساس اللون « سكيتر» هي واحدة من القلائل الذين يعتقدون خطأ ذلك، فتقرر أن تكتب كتابا تسميه «المساعدة» استنادا إلى قصص ومقابلات مع الخادمات الذين قضوا حياتهم في رعاية الأسر الجنوبية البارزة، وفي البداية تواجه بالرفض من قبل الخادمات خوفا من أن يفقدوا وظائفهم أو ما هو أسوأ، ومن هنا ستفتح القصة على علاقة مع اثنين من الخدم السود هما «ابلين كلارك» وهي خادمة سوداء في منتصف العمر أمضت حياتها في تربية الأطفال البيض ومؤخرا فقدت ابنها الوحيد، و«ميني جاكسون» وهي خادمة اشتهرت بكونها موظفة صعبة الطباع، لكنها تعوض عن هذا بمهاراتها في صنع الخبز. لكن القصص لا تكفي برأي الناشر في نيويورك، فتحل المشكلة بعد حوادث عنف تقتنع معها الخادمات بأن الكتاب فرصة لإيصال أصواتهم. وفي النهاية يصدر الكتاب ويلاقي نجاح تعيد «سكيتر» عوائده إلى الخادمات، وتحصل هي على وظيفة في شركة للنشر في نيويورك. التكيف السينمائي لأكثر الروايات شعبية في أمريكا الفيلم هو المعادل البصري المأخوذ عن أصل روائي يحمل ذات الاسم للكاتبة الأمريكية «كاثرين ستوكيت» التي انتزعت لقب صاحبة الرواية الأكثر مبيعا على لائحة صحيفة «نيويورك تايمز» عن روايتها هذه، التي باتت بصدد التربع على قائمة الكتب الأكثر شعبية في أمريكا، وقد كتب الممثل والمخرج الأمريكي «تايت تايلر»، الذي كان له دور في الفيلم الأوسكاري «عظام الشتاء» 2010، سيناريو الفيلم كونه صديق الطفولة للكاتبة «كاثرين ستوكيت» وأخرجه حيث قدم رؤية متكاملة ومتميزة تجلت في السيناريو الذي تتبع مفاصل الرواية الأساسية، ثم برؤية إخراجية جميلة عكستها الديكورات والملابس التي استعادت أجواء تلك الحقبة بمنتهى الدقة، إضافة لحركة الكاميرا وزوايا التصوير المدروسة والمتناسبة مع الحدث وتقلباته، وبتغليف من الموسيقى التصويرية التي وضعها الملحن الشهير «توماس نيومان»، ثم باختياره الموفق لكادر العمل من الممثلين وعلى رأسهم الجميلة «أيما ستون» التي حصلت عن ترشيح لجائزة «الجولدن جلوب» الأمريكية عن فيلم «سهل أ». والمهم هي جهات الإنتاج الثلاثة وهي: شركة «دريم ووركس ستوديوز» الأمريكية، وشركة «بارتيسبينت ميديا» الهندية، وشركة «إيمج نيشن أبو ظبي» الإماراتية، وعلى الرغم من المخاوف بأن تكون مبيعات التذاكر منخفضة بسبب «إعصار إيرين» الذي ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وأجبر أكثر من ألف دار عرض سينمائي على إغلاق أبوابها، فقد تصدر فيلم «المساعدة» إيرادات دور العرض السينمائي في أمريكا للأسبوع الثاني على التوالي التي بلغت 96.833.423 مليون دولار أمريكي .