في رمضان نحن بحاجة إلى مزيد من العمق في التعامل مع القرآن الكريم، حتى نصبح أكثر إيمانا بما يحويه، ويقينا بما نقرؤه، سأعطيكم درسا عمليا لما ينبغي أن نكون عليه في هذا الشهر الكريم، لأننا نريد أن نقرأ القرآن الكريم قراءة مختلفة عما نقرؤه في بقية أيامنا، نريده أن يلامس الجوامد فينا فيحركها، جرب بشكل عملي أن تقرأ أي شيء تحبه بطريقة مختلفة، ستجد أنك تحبه أكثر، فتغيير النمطية التي نعيشها مهمة جدا، وتجعلنا أكثر قدرة على الاستمرارية في العطاء، لأن البقاء على ذات الطريقة وذات الأسلوب في كافة مناحي الحياة، يدفع الإنسان للملل أحيانا. يقول عثمان بن عفان، رضي الله عنه: «لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم»، فالمؤمن يجد لذة لا تعادلها لذة، وهو يتلو القرآن الكريم، وتلاوة القرآن لها فنون عدة، ينبغي للمؤمن الإحاطة بها، ليجد اللذة الحقيقية في تلاوة كلام رب العالمين ومن الفنون الجميلة في التلاوة، هو فن الوقف والابتداء، لكن هذا الفن ينبغي أن نتعلم قبله عدة فنون وهي أن نقرأ القرآن قراءة صحيحة، أن نعتني بتجويد وتحسين التلاوة ثم إتقان مخارج الحروف لكن من أكثر الفنون أهمية هو فن الوقف والابتداء، وسأضرب مثالا جميلا واضحا يبين أثر هذا الفن على التلاوة، فتأمل يا رعاك الله.. قال تعالى «فجاءته إحداهما تمشي على استحياء» تقف هنا على كلمة استحياء، ثم تستأنف القراءة، وتقول «قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين». لاحظ في هذا الوقف: نجد أن الحياء كان في المشي أي أنها كانت تمشي على استحياء. أما في الوقف الثاني: سيتغير المعنى ويكون الحياء في القول وليس في المشي. لاحظ الآن عندما تقف على كلمة «تمشي» قال تعالى «فجاءته إحداهما تمشي». هنا تقف على كلمة تمشي ثم تكمل الآية هكذا: «على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا»، أرأيت كيف صار الحياء في هذا الوقف، في القول وليس في المشي. إذا هكذا يكون فن الوقف والابتداء مؤثرا في تلاوة القرآن الكريم، ومن تعلم هذا الفن سيجد المتعة الحقيقية في تلاوة كلام رب العالمين، فلا تتردد يا رعاك الله في تعلم فنون التلاوة، وستجد الفرق، بإذن الله.