للشيخ سعود بن إبراهيم بن محمد آل شريم، حضوره الفقهي الذي يشنف الآذان بأجمل قراءات القرآن الكريم، وتتذوق الذائقة السمعية والروحية لملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها جميل ترتيله وعذب مخارجه وهو يصدح بكلام الله حينما يؤم ويخطب المصلين في المسجد الحرام. عرف المسلمون الشيخ الشريم منذ سنوات عديدة وألفوا صوته العذب الذي يتدفق خشوعا ووقارا يذهب بعيدا في أعماق النفس، وهي تتلقى ذلك الصوت الرخيم الفخيم، وهو من القراء المتقنين للقرآن الكريم ويقرؤه برواية حفص عن عاصم، وقد حفظه في مرحلة شبابه وكان يشتغل معظم وقته في الحفظ والمراجعة. جذور الشيخ الشريم تعود إلى شقراء بنجد غير أنه ولد في مدينة الرياض، ودرس المرحلة الابتدائية بمدرسة عرين ثم المتوسطة في المدرسة النموذجية ثم الثانوية في اليرموك الشاملة، وكفقيه وعالم فقد فتحت له أبواب العلم، وأظهر نبوغا وتفوقا فالتحق بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة وتخرج فيها عام 1409 ه ثم التحق عام 1410 ه بالمعهد العالي للقضاء ونال درجة الماجستير فيها عام 1413 ه. في عام 1416 ه تفرغ لنيل درجة الدكتوراه بجامعة أم القرى، وقد نالها بتقدير امتياز وكانت بعنوان «المسالك في المناسك» للإمام أبي منصور محمد بن مكرم بن شعبان الكرماني، وقد تميز الشيخ في نهل العلم من بحور شتى فقد تلقى العلم مشافهة عن عدد من المشايخ من خلال حضور حلقات دروسهم ما بين مقل له ومكثر منهم، وذلك ما قدمه وجعله مؤثرا في قراءته في جميع أنحاء العالم ويلحظ ذلك من خلال زياراته إلى دول العالم، وما يواكب ذلك من محاضرات وتكاثف الجموع والتحلق حوله في الحرم المكي وخارجه للسلام عليه، حيث إنه من الأصوات المميزة في العالم كله فعندما تسمع له قراءات معينة يجعل قلبك ينتفض من الخوف تدبرا لآيات القرآن الكريم. تفرغ الشيخ آل شريم للدعوة وسخر حياته للدرس والعلم، وتنقل في غير موقع يخدم به الدين، وأبرز ذلك حينما صدر أمر خادم الحرمين الشريفين في العام 1412 ه بتعيينه إماما وخطيبا بالمسجد الحرام، وكان قبل ذلك إماما مشهورا بمدينة الرياض، وفي العام التالي تم تعيينه بأمر ملكي ليكون قاضيا بالمحكمة الكبرى بمكة المكرمة ثم أعفي من القضاء بناء على طلباته المتكررة بعد وقت قصير من تعيينه. وعاد للتدريس في العام 1414 ه عندما صدرت الموافقة السامية بتكليفه بالتدريس في المسجد الحرام، ثم انتقل للعمل أستاذا بقسم القضاء في كلية الشريعة بجامعة أم القرى، وقد حصل أخيرا على درجة الأستاذية في الفقه وأصوله، ويعمل حاليا عميدا لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وفي عام 1432 ه صدر قرار بتكليفه عميدا لكلية الدراسات القضائية والأنظمة «المستحدثة في جامعة أم القرى» إضافة إلى عمله عميدا لكلية الشريعة. للشيخ كثير من المؤلفات التي تجمع فكره وآراءه وأغلبها لا تزال مخطوطات منها «كيفية ثبوت النسب»، «كرامات الأنبياء»، «المهدي المنتظر عند أهل السنة والجماعة» إلى جانب دروسه في الحرم والتي ينهل منها الآلاف من علمه المتدفق.