تقترن السياسة في معظم أنحاء العالم بالكثير من الجدية. وهذا يعود إلى طبيعة العمل السياسي الذي يتركز على إدارة شؤون البلاد وتحديد مصائر الشعوب. واعتاد الناس في عالمنا الذي يسيطر عليه الساسة، أن يطل عليهم الرؤساء والزعماء في كل الأوقات بصورة جدية حيث يتحدثون بجدية في أمور جدية. وإذا ارتبطت السياسة بمفاهيم أخرى، فإنها غالبا ما تكون المكر والحنكة، وليس الطرافة والنكتة. ويدعو هذا الأمر للتساؤل: «ما الذي يمنع هؤلاء من التعامل مع الأمور بطرافة؟». وهنا تبرز خفايا وأسرار تجعل الزعيم السياسي قريبا من الزعيم الإنسان. ويسمح الزعماء الأمريكيون لأنفسهم بأن يستخدموا الكثير من النكات والطرائف خلال نشاطهم، وعندما تسمح المواضيع والظروف. ويعتبر الرئيس الحالي باراك أوباما من الزعماء الذين لم يترددوا في تعريض أنفسهم لمخاطر الطرافة، واستخدامها ضمن تحركاتهم السياسية. وفي إحدى المناسبات منع رجال الأمن أوباما من تناول أي قطعة من طبق كبير للآيسكريم رغم أنه كان مستعدا لذلك. وعند إلقاء خطابه أشار إلى هذا الأمر قائلا: «إنهم يلتهمونه الآن خلف الكواليس». ولم يحضر رونالد ريجان ذات مرة إلى الملعب حين كان معلقا رياضيا، فشرع في إذاعة التعليق من ميكروفون إذاعي هناك، وفجأة تعطل جهاز استقبال البرقيات، فلم يعتذر، وإنما شرع في وصف المباراة من وحي خياله. وفي عام 1984 أراد ريجان اختبار الميكروفون قبل توجيه حديث إذاعي على النحو المعروف، ولكن الميكروفون كان متصلا بالإرسال على الهواء، فقال: «أيها الأمريكيون، يسرني أن أخبركم اليوم بأنني وقعت على تشريع سيمحو الاتحاد السوفييتي عن الأرض إلى الأبد، وسنبدأ القصف خلال خمس دقائق». ولم يدخل الرئيس الأمريكي ال17 أندرو جونسون المدرسة طوال حياته. وتتلمذ حين كان صبيا على يد فتاة تدعى أليسا مكاردل ليتزوجها لاحقا. أما الرئيس ال16 إبراهام لينكولن فكان مولعا بارتداء قبعات كبيرة تحوي جيوبا سرية يضع فيها أوراقه المهمة. ومن أشهر زلات اللسان ما تفوه به جورج بوش الإبن حين وصف الحرب في أفغانستان والعراق بأنها «حرب صليبية» وهو ما أثار موجة من ردود الفعل داخل أمريكا وخارجها. وسئل ريجان الذي عانى ضعف الذاكرة عما إذا كان سيستقيل إذا شعر بضعف الذاكرة، فرد قائلا: «لا أذكر أنني قلت هذا الكلام»، وهي زلة لسان أكدت أنه يعاني فعلا ضعف الذاكرة. وعندما كان أودلف هتلر على رأس السلطة في ألمانيا، كان محظورا على رجال الشرطة والمزارعين أن يطلقوا اسم «أودلف» على أحصنتهم. وتوفي الرئيس الأمريكي جورج واشنطن في آخر ساعة من آخر يوم من آخر أسبوع من آخر شهر من آخر سنة في القرن ال18. وفي مؤتمر يالطا، فبراير 1945، كان تشيرشل كثير الأوجاع بسبب أعوامه ال70، وروزفلت مريضا جدا على صلة واهنة مع الحياة، وهاري هوبكينز مستشار روزفلت الأول، مصابا بالسرطان. ويبدو أن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتن، الحاصل على الحزام الأسود في الجودو، يملك الوقت للمساهمة في إصدار كتيب عن اللعبة رغم مسؤولياته الكبيرة. ومنذ بروزه في السلطة عام 2000، جرى تصوير بوتين مرارا وهو يشارك في مباريات الجودو ويستعرض قوته البدنية في ألعاب أخرى مثل سباقات التزلج. وفي عام 1956 ألقى الرئيس الروسي خروتشوف خطابا في البرلمان ندد فيه بجرائم الرئيس ستالين ضد الشعب. وبعد أن أنهى كلامه جاءته رسالة من أحد الحاضرين كتب فيها: «لماذا لم تقل هذا الكلام أمام ستالين وكنت من كبار رجاله؟ ابتسم خرتشوف وقرأ الرسالة على الحاضرين، ثم طلب من صاحب الرسالة أن يعرف نفسه. ولما طال الصمت ضج بالضحك وقال: «الذي دعاك إلى السكوت الآن دعاني للصمت أمام ستالين.. لقد كنت خائفا مثلك!» .