يقف الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي كان سقوطه بمثابة إشارة لبدء انتفاضات أخرى في العالم العربي، في قفص الاتهام داخل إحدى قاعات أكاديمية الشرطة بضاحية القاهرةالجديدة شرق العاصمة المصرية، اليوم، ليواجه عدة تهم على رأسها التحريض على «القتل العمد» التي تصل عقوبتها إلى الإعدام إذا ثبتت إدانته. وسيمثل وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي أمام المحكمة أيضا مع ستة من مساعديه ونجلي مبارك الاثنين علاء وجمال. كما سيحاكم غيابيا رجل الأعمال حسين سالم المقرب من مبارك الذي فر بعد اندلاع الانتفاضة إلى إسبانيا. ستكون محاكمة مبارك تاريخية؛ لأنه أول رئيس دولة عربي يسقطه شعبه وتتم محاكمته في بلده. ويواجه تهما بقتل نحو 850 شخصا معظمهم من الشباب أثناء «ثورة 25 يناير»، كما أصيب ما يزيد على ستة آلاف آخرين. ويطالب أهالي الضحايا والمصابين بالقصاص من مبارك والعادلي الذي يتهمونه بنشر قناصة على أسطح البنايات المطلة على ميدان التحرير بالقاهرة لقتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة. وأكد مدير أمن جنوبسيناء اللواء محمد نجيب أن الرئيس السابق تسلم إخطارا بمكان محاكمته وموعدها، وذلك بعدما أخطرت نيابة وسط القاهرة مديرية أمن جنوبسيناء بانتقال مبارك إلى أكاديمية الشرطة. وأوضح مدير مستشفى شرم الشيخ الدكتور محمد فتح الله أن إجراءات انتقال مبارك مسؤولية وزارة الداخلية، والمستشفى مسؤول فقط عن تقديم الخدمة الطبية. وأضاف أن حالة مبارك الصحية تسمح بانتقاله إلى القاهرة، مؤكدا أنه يعاني فقط اكتئابا شديدا وعدم الرغبة فى تناول الطعام. وإذا ظهر مبارك في قفص الاتهام، فإنه سيكون أول رئيس عربي يحاكم بعد انتفاضة من انتفاضات الربيع العربي. وإذا لم يمثل أمام المحكمة، فإن ذلك سيكون سببا لغضب المحتجين الذين يريدون أن يروه في ذلك القفص. ووجهت إلى هؤلاء جميعا اتهامات بسرقة ملايين الدولارات من أموال الدولة، وإصدار أوامر بقتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة التي أسقطت مبارك وقادته إلى الحبس الاحتياطي منذ إبريل الماضي في مستشفى شرم الشيخ الدولي حيث يعالج من مشكلات في القلب. وكان نقله إلى القاهرة وإيداعه السجن مطلبا رئيسيا للمتظاهرين في ميدان التحرير الذين اتهموا خلال الأسابيع الأخيرة المجلس العسكري الممسك بالسلطة بالتباطؤ في محاكمة رموز النظام السابق. ومثل كل رؤساء مصر منذ عام 1952، فإن مبارك ابن المؤسسة العسكرية؛ وهو ما يجعل محاكمته مصدر حرج للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الممسك بزمام السلطة منذ 11 فبراير، برأي المحللين. وقبل بضعة أشهر، كانت محاكمة مبارك تبدو ضربا من الخيال وما زال كثيرون لا يصدقون أنه سيحاكم بالفعل. ولكن المجلس العسكري، المتهم كذلك بالتباطؤ في الإصلاح وفي تطهير مؤسسات الدولة من رجال نظام مبارك، حريص على أن يؤكد التزامه بمحاكمة كل المتهمين بانتهاك حقوق المصريين. ووعد رئيس محكمة جنايات القاهرة القاضي أحمد رفعت بمحاكمة سريعة. وتطوع أكثر من 50 محاميا للانضمام إلى هيئة الدفاع عن الرئيس السابق مبارك فى أولى جلسات محاكمته. وكشف المحامون المتطوعون لموقع «اليوم السابع» المصري أن 800 محام من مؤيدى الرئيس اجتمعوا مع ائتلاف ميدان مصطفى محمود، واختاروا 50 منهم لينضموا إلى هيئة الدفاع عن مبارك استنادا إلى الدعوى التي أقاموها أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، والتى تطالب بإلغاء قرار النائب العام الخاص بإحالة مبارك إلى الجنايات. وأضافوا أن باقي المحامين سينضمون لمؤيدي مبارك الذين سيكونون خارج أكاديمية الشرطة أثناء محاكمة الرئيس السابق.. وذلك في الوقت الذي أكد فيه ائتلاف ميدان مصطفى محمود الذى يضم مؤيدي وأنصار مبارك حضورهم أولى جلسات المحاكمة فى الأكاديمية. ويأتي ذلك ردا منهم على إعلان شباب التحرير حضورهم، مؤكدين أنهم سيشكلون دروعا بشرية حول الأكاديمية، لمنع التعدى بالضرب أو الإهانة للرئيس السابق .