أعلنت لجنة الانتخابات المركزية الروسية أخيرا إجراء الانتخابات الرئاسية لعام 2012 في الرابع من مارس المقبل. وكان الرئيس الحالي ديمتري ميدفيديف أعلن يونيو الماضي أن خوضه الانتخابات جنبا إلى جنب مع رئيس الوزراء فلاديمير بوتين سيؤدي إلى نتائج عكسية؛ ولذلك فإن واحدا فقط منهما سيخوض الانتخابات أو أن يتم البحث عن مرشح ثالث. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية، يشكو معظم الروس من ارتفاع الأسعار وعدم كفاية الرواتب. ويقول آخرون إنهم يواجهون مشكلات في العثور على عمل، وأن موسكو غير قادرة على توفير خدمات اجتماعية كافية.. وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه الثنائي الحاكم إلى أدنى مستوياتها. يتوقع كثيرون أن الانتخابات الرئاسية في روسيا لن تغير شيئا، لأنها ستنحصر في الخيارين اللذين يمثلان السياسة الحالية، وهما ميدفيديف وبوتين. والطريف أن أيا منهما لم يعلن حتى الآن مشاركته فى الانتخابات من عدمها. وأصبح بوتين رئيسا للوزراء في 2008 ودفع بميدفيديف إلى الرئاسة بعد أن حال الدستور دون ترشحه لفترة رئاسية ثالثة. وأشارت مصادر إلى أن ميدفيديف ورئيس وزرائه بوتين، الذي ينظر إليه على أنه الزعيم الأعلى في روسيا، ربما يطرحان مرشحا آخر للانتخابات الرئاسية. «هناك ثلاثة سيناريوهات متساوية: الأول ميدفيديف والثاني بوتين والثالث شخص آخر تم بالفعل التنسيق فيما بينهما بشأن ترشيحه». كما أن الثنائي الحاكم اتفقا بالفعل على كل شيء، لكنهما لن يعلنا قرارهما قبل بدء حملة الانتخابات لأنه إذا ما أعلن عن أحدهما مرشحا، سيصبح الآخر وحيدا وغير قادر على أداء مهامه المنوطة به في الإدارة الروسية الحالية. ومما لا شك فيه أن ميدفيديف لم يعد غريبا ضمن مراكز السلطة، فقد تشكل حوله فريق عمل، وتحول إلى مركز مشارك في صناعة القرار بصرف النظر عن قوته وحجم نفوذه. وعند زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن موسكو، مارس الماضي، توقعت الأوساط السياسية المحلية أن تتركز مباحثاته على دعم إعادة انتخاب ميدفيديف رئيسا لروسيا في انتخابات عام 2012، وترشيح بوتين لمنصب السكرتير العام للأمم المتحدة. لكن فريقا من المحللين استبعد أن تحاول أمريكا فرض رؤيتها على روسيا، وأعربوا عن قناعتهم بأن النخبة الروسية ستختار ميدفيديف أو فلاديمير بوتين لرئاسة البلاد من خلال تسوية ترضي الطرفين، يمكن أن يشارك فيها الغرب بتقديم ترضية للطرف الذي سيتخلى عن الترشح لمنصب الرئاسة. ومنذ عدة شهور، بدأ الجدل حول هوية المرشح لرئاسة روسيا وتباينت الآراء بين من يعتقد أن بوتين يستعد للعودة إلى الكرملين، بينما أعرب آخرون عن قناعتهم بأن بوتين لن يعود في هذه الانتخابات، وسيبقى ميدفيديف في منصبه. ورصد فريق ثالث تباينات تصل إلى حد الخلاف بين الطرفين حول عدد من الملفات والقضايا الأساسية. ولم يستبعد هذا الفريق بدء صراع ساخن بينهما على منصب الرئاسة، ليظل السؤال مطروحا: من سيترشح للرئاسة عام 2012.. ميدفيديف أم بوتين؟. وبينما تواصلت التخمينات حول أيهما سيخوض الانتخابات، قال الأول إنه يرغب في الترشح لولاية ثانية لينجز مهمات التحديث في روسيا، لكنه لم يتخذ القرار النهائي بهذا الشأن بعد، ولا يريد إزالة الغموض الذي يكتنف احتمال ترشحه. وأكد ميدفيديف أنه لا مكان للحديث عن أي تنافس بينه وبين بوتين. وقال: «فلاديمير زميلي وصديقي القديم، ونمثل، أنا وهو، نفس القوة السياسية. وبالتالي فإن التنافس بيننا يمكن أن يضر بالمهام والأهداف التي نحاول وضعها نصب أعيننا». وأوضح أنه لا توجد خلافات خطيرة بينه وبين بوتين، وإن تباينت وجهات نظرهما حول بعض القضايا. وفي المقابل، أظهر استطلاع حديث للرأي أن شعبية أكبر زعيمين في روسيا تراجعت إلى أدنى مستوياتها وذلك بعد أن لاحت الانتخابات الجديدة في الأفق. وفي يوليو الجاري، انخفضت شعبية بوتين إلى أدنى مستوى لها في ست سنوات لتصل إلى 68 % طبقا لاستطلاع أجراه مركز ليفادا المستقل للأبحاث. وظلت شعبية ميدفيديف، وهي عادة أقل من شعبية بوتين، دون تغيير عند 66 % وهو أدنى مستوى لها منذ بداية رئاسته .