فتحت مكاتب الاقتراع في المغرب أبوابها، أمس، للتصويت في استفتاء على إصلاح الدستور الذي اقترحه الملك محمد السادس. ودعي أكثر من 13 مليون مغربي للمشاركة في الاستفتاء حول دستور جديد يهدف إلى تحقيق مزيد من التوازن من خلال تعزيز سلطات رئيس الوزراء والبرلمان. وتم إغلاق مراكز الاقتراع عند السابعة مساء التاسعة بتوقيت السعودية. ويرى الخبراء أن الملك الذي يحكم البلاد منذ عام 1999، شبه واثق من تبني التعديل الذي اقترحه وذلك رغم المعارضة والدعوات إلى مقاطعة الاستفتاء. ودعت وسائل الإعلام الرسمية وغالبية الصحف وأبرز الأحزاب السياسية والنقابات الكبرى والمساجد في البلاد جميعا إلى المشاركة في الاستفتاء والتصويت ب «نعم»، وذلك خلال حملة قصيرة دامت عشرة أيام. ونجاح عملية التصويت لا يترك مجالا للشك، ولكن يكمن الرهان الرئيسي في نسبة المشاركة بالاستفتاء الأول منذ أن تولى العاهل المغربي الحكم. وتم إعداد قرابة 40 ألف مركز اقتراع في مختلف أنحاء البلاد بما فيها الصحراء الغربية، كما تم فتح 520 مركزا في السفارات والقنصليات في الخارج حتى يتمكن المغاربة من المشاركة في الاستفتاء، حتى الغد. وستصدر النتائج النهائية غدا أو بعد غد. وهو التعديل السادس في تاريخ المملكة المغربية، ويتضمن بعض سمات دساتير الدول الديمقراطية، أهمها فرض المزيد من محاسبة المسؤولين، وجعل المؤسسة التشريعية أكثر حركة، ومنح الجهاز التنفيذي سلطات جوهرية. وخلال الاستفتاء الأخير حول الدستور، الذي عدل في 1996 خلال عهد الملك الحسن الثاني، كانت نسبة المشاركة 75%. وبشكل عام يشارك المغاربة أكثر في الاستفتاءات التي تأتي بمبادرة من الملك، منه في الانتخابات التشريعية بسبب قلة الثقة في الأحزاب السياسية كما قال مراقبون. وكان الملك أعلن في خطاب إلى الأمة، 17 يونيو الماضي، أن المشروع يهدف إلى «تعزيز ركائز نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية اجتماعية». وسيكون بإمكان رئيس الوزراء المنبثق عن الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية، حل مجلس النواب وهو ما كان من صلاحيات الملك وحده. وينص المشروع على إنشاء مجلس أعلى للقضاء يرأسه الملك ويهدف إلى ضمان استقلالية السلطة القضائية. كما ينص على الاعتراف بالأمازيجية، التي يتحدث بها ربع سكان المغرب، لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، وهو ما اعتبر حدثا تاريخيا. وورد في الخطاب الملكي أن الدستور المعروض للاستفتاء هو من صنع المغاربة ولأجلهم جميعا، وقد أعده 18 قانونيا وخبيرا، على عكس الدساتير السابقة. ويتضمن خليطا بين الطريقة الفرنسية والأنجلوساكسونية في إعداد الدساتير. وتضمن مقدمة مطولة، مع إضافة 72 فصلا، لتصبح 180 فصلا بدلا من 108 فصول في الدستور الحالي. كما تم تقسيم الفصل 19 المثير للجدل بين الفاعلين السياسيين إلى فصلين هما «41 و42» أحدهما يحدد الصلاحية الدينية للملك، والآخر يحدد الصلاحية السياسية، وذلك لإزالة الخلط والتداخل بين السلطتين. ودعت حركة 20 فبراير التي تضم أكثر من 62 ألف عضو إلى مقاطعة الاستفتاء. وكتبت على صفحتها على الفيس بوك، أمس، «وفقا للديناميكية السياسية والديمقراطية التي أطلقتها حركة 20 فبراير ورغم كل محاولات السلطة لإضعافنا، ندعو إلى مقاطعة هذا الاستفتاء لأن الدستور المقترح يعزز الحكم المطلق ولن يقضي على الفساد» .