من يصدق أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء سيرفع أسعارها! هذا ما يريد أن نصدقه بعض العقاريين حينما هبوا معترضين على توصية مجلس الشورى على ذلك؛ ما يجعلنا نشك في شهادتهم المجروحة التي لا تنم عن نظرة اقتصادية بقدر ما هي نابعة من مصلحة لحماية أراضيهم البيضاء من يد العمران التي ستطولها رغما عنهم ما لو نفذت التوصية. وتراوحت اعتراضاتهم بين من يقول إنها ستؤثر على معنوياتهم، ومن يقول إنها دراسة وليس قرارا، وإن كان فقرارات مجلس الشورى ليست ملزمة، وآخر كاد يفتي حينما قال إنه ليس لها أصل شرعي، ولا أدري إن كان الاحتكار له أصل شرعي إذا ما عرفنا أن هذه التوصية تحد من قبضته الخانقة. وكل الاعتراضات لا ترتقي لإقناع رجل الشارع، فكيف بالاقتصاديين المختصين الذين يطالبون بذلك منذ زمن لدفع الملاك الذين يربضون على المساحات الشاسعة داخل النطاق العمراني لسنين طويلة وتحريكهم ليطوروها ويبيعوها وبالتالي تعمر وتدب فيها الحياة بعد أن كانت معطلة وسببا رئيسا في قلة العرض مقابل الطلب، وذلك من أجل أن يتحكموا بالسعر ويرفعوه إلى حيث يشاؤون. وهذا الهدف هو الذي تسعى إليه التوصية ويحاول بعض العقاريين أن يجهضوه في مهده؛ لأنه يهدد سلطنتهم، وأود أن أذكر من برر بعدم شرعيتها بقصة عقاري دفع زكاة ثروته العقارية البيضاء بناء على قيمتها السوقية فوجد أن بقاءها سنين عديدة يكلفه ملايين الريالات ما دعاه إلى بيعها وما هي إلا سنوات حتى تحولت إلى حي سكني ينبض بالحياة، وهذه الحكمة من دفع الزكاة؛ أنها تحرك عجلة الاقتصاد ولا تجمده كما يفعله بعض المؤمنين بمقولة أن الأرض لا تأكل ولا تشرب، ويتركها تحت هذا المبرر غير الشرعي الذي يكشف أنه لا يدفع تكاليف عليها وهو ما يمثل الواقع العقاري الجامد.