أوين ويلسون راشيل ماك آدمز كارلا بروني ساركوزي كاثي بيتس. عنوان الفيلم: منتصف الليل في باريس تمثيل: سيناريو وإخراج: وودي آلن النوع: كوميديا اجتماعية رومنسي الرياض. جهاد أبو غياضة بين الماضي الزاهي الحالم، والحاضر المادي بكل تعقيداته وفحواه، علاقة مركبة تدغدغ المشاعر وتعزف على وتر الحنين لبساطة ونقاء هو جوهر النفس البشرية، ومن هذه العلاقة ينطلق العملاق «وودي آلن» بفيلمه الجديد «منتصف الليل في باريس» ليبث رؤيته الفلسفية لمفهوم الانتماء الإنساني والدفاع عن الحلم الشخصي وتحقيقه، بالعودة إلى أوروبا كونها مسرحا للأحداث. باريس النهضة وابن نيويورك يروي الفيلم أحداث مغامرة خطيبين شابين يصلان إلى باريس من أمريكا للإعداد لحفل زواجهما القريب، الشاب هو «جيل» كاتب من الطبقة الوسطى يحلم بأن يكتب روايته الأولى، وهو بطبعه رومنسي يعشق السير تحت المطر الباريسي الناعم، والشابة«هيلين» ابنة عائلة ارستقراطية ثرية لا هم لها إلا المتعة وقضاء الوقت في المطاعم الفارهة، وفي عروض الأزياء ومحال الألبسة الفاخرة وصالات الرقص حتى ساعة متأخرة من الليل، والأهم أنها تكره المشي تحت المطر! أي أنهما نقيضان لا يجمع بينهما إلا ما يبدو أنه الحب، لكن الأحداث ستكشف مع أول هزة يتعرضان لها أن هذا الحب ليس حقيقيا، إذ يرحل «جيل» تاركا خطيبته «هيلين» التي تلتقي بالمصادفة في مطعم باريسي بصديق قديم، وستقضي ليلتين برفقته وزوجته، وهو أستاذ جامعي يدعي المعرفة المطلقة عن كل شيء، وبهذا يسحر «هيلين». ومن هذا الحدث المركزي يبحر «جيل» عبر المصادفة في عوالم الماضي الباريسي، ليعود إلى عصر الثقافة الأوروبية في عشرينيات القرن الماضي، فيلتقي رموز الثقافة في تلك المدينة التي جمعت مبدعي الفنون في ذلك العصر أمثال «جيرترود شتاين» و«سلفادور دالي»، وبذلك يكتشف «جيل» بعد تداخل زمني ومقارنة بين صورة الماضي والعصر الحاضر أنه لا ينتمي إلى هذا الحاضر، وحتى أنه لا ينتمي لولاية «كاليفورنيا» الأمريكية، بل هو أوروبي الهوى والطباع، وينبغي أن يترك نفسه تبحر بحلمه وحده، وجسده يتبلل بمطر الليل في باريس. فلسفة إنسانية.. وسيدة أولى في هذا الفيلم يتابع السيناريست والمخرج والعملاق والممثل المخضرم «وودي آلن» جرعاته الفلسفية التي تقوم على رؤية للأشياء والواقع تجمع بين الهم الإنساني والحب والمرح ضمن قالب ساخر كوميدي يتسم بطابع السخرية المُرة والتشاؤمية أحيانا، وهو ما تجلى في معظم أفلامه السابقة، وهو يتخذ من المدن الأوروبية الكبرى مثل لندن وبرشلونة، وحاليا «باريس» مركزا لأحداث أفلامه، ويعتزم أيضا بدء تصوير فيلم جديد في روما بعد فترة وجيزة. ولهذا نجد في فيلم «منتصف الليل في باريس» لقطات انسيابية للكاميرا تغوص عميقا في الأجواء والطابع الباريسي بشيء أشبه بالاحتفاء البصري بتلك المدينة، وبتغليف حالم من موسيقى أوروبية الطابع، حديثة وقديمة، تعكس التناقض بين الماضي والحاضر. وكعادته أيضا، يحشد وودي آلن الكثير من نجوم عالم التمثيل مثل الممثلة الكندية «راشيل ماك آدمز» التي تألقت في فيلم «شارلوك هولمز 2009» والنجم الجذاب والمبدع الممثل وكاتب السيناريو الأمريكي «أوين ويلسون» الذي رشح لجائزة أوسكار أفضل نص سينمائي عام 2002 عن فيلم «The Royal Tenenbaums»، لكن ما زاد من جاذبية الفيلم وشكل عاملا دعائيا كبيرا له وجود المغنية وعارضة الأزياء المعتزلة الفرنسية «كارلا بروني» وهي السيدة الأولى لفرنسا بعد زواجها من الرئيس الفرنسي الحالي «نيكولا ساركوزي» والتي جسدت في الفيلم دور مرشدة في متحف فرنسي. فيلم «منتصف الليل في باريس»، الذي اختير ليكون في افتتاح «كان» بدورته ال64 لهذا العام، هو رحلة بحث خلاصتها سعي الإنسان الدائم ليتماهى مع حلمه، يقول لنا «وودي آلن» في نهايتها إن الوطن هو حيث يجد الإنسان نفسه وذاته .