في ذكرى البيعة السادسة مرت السنوات سريعة ومليئة بالإنجازات الوطنية، وما زلنا نسابق الزمن في إنجاز مشاريع أخرى جار تنفيذها. نقف في هذه المناسبة كمن يحاول أن يلتقط أنفاسه ويعطي لعينيه نظرة تأمل، ولنفسه مساحة تطلع، ولروحه دفعة طموحة. أسعد كثيرا حينما أشاهد مظهرا يواكب التطلعات وأتأسف حينما أرى عكسه، ولدي إيمان عميق بأن الفرصة مواتية في هذا العهد الزاهر وعلينا أن نستثمرها، وما يحصل من تقهقر وإخفاقات هو من بعض من لم يستشعروا توجه المرحلة الراهنة التي تعتمد على الشباب كثروة فتحت لهم أبواب التعليم والابتعاث في شتى التخصصات، ومن خلالهم نرى بوادر المستقبل المشرق إن شاء الله الذي يتوجب علينا أن نتواءم معه ونواكب آلياتنا الإدارية لكي تحتوي جهوده وتستوعب أفكاره وتكون معه ثنائية تنموية متكافئة. إن أكثر ما تتطلبه المرحلة هي فتح قنوات عمل تمكن الجميع من المشاركة والتطوير وتجعل المجتمع يدير نفسه ويتلافى أخطاءه ويشق طريقه دون قوالب جامدة لا تتفهم المتغيرات ولن يتحقق ذلك إلا بأحداث آليات مرنة تتيح للكفاءات الوطنية على اختلاف مشاربها أن تبرز وتقدم ما لديها وتؤدي دورها في البناء الوطني حسب تخصصها. وقد كانت هيئة مكافحة الفساد أبرز ملامح المرحلة والأحدث في حراسة التنمية من الأيدي المتلاعبة، وتكاد تكون الجهة الرسمية المسؤولة التي تتلقى بلاغات الصوت الشعبي وتتحقق منها وتباشر معالجتها وتقدمهم للعدالة لمحاسبتهم ورغم أنها لم تظهر نشاطا لحداثتها إلا أن إقرارها بحد ذاته يعد فتحا إصلاحيا كبيرا والأهم ألا تتحول إلى مثل أجهزة أخرى أضحت كيانات شكلية مفرغة من مضمونها بفعل بعض التنفيذيين المتقاعسين، وأن تؤسس لمنهج إصلاحي يشارك فيه جميع المواطنين وفق خطوات تكرس مبدأ الكفاءة في الاختيار.