تقوم العديد من الأعمال السينمائية على الخدع المختلفة في بعض مشاهدها، وهذا الأمر يتطلب مجهودا إضافيا من طاقم العمل، ولو تتبعنا الأعمال العالمية لرأينا التطور بشكل واضح في بعض المدارس الفنية، حيث أصبح هناك قطاعات خاصة من شركات وأفراد لا عمل لها سوى تنفيذ الخدع وفق النص المكتوب، هذا الأمر يتطلب تدريبات عالية وأجهزة خاصة وحرفية ترضي المخرج الذي لا يحبذ أن يكون في نهاية الأمر مثار سخرية النقاد والجمهور عندما يخفق في تبرير خروج البطل من مأزق معين بقدرة خارقة وطريقة ذكية مقنعة، وهذا ما يتعلق بصناعة الأفلام في هوليوود، إلا أن الأمر يختلف عندما نتابع فيلما صنع في المدرسة البوليودية التي لا ترى بأنه يعيبها في شيء، أو يقلل من جودتها اختلاق المشاهد الخيالية المفتقدة للإقناع العقلاني للمشهد الخارق، فكل نجومها يستطيعون القفز بعيدا والتعلق بطائرة عمودية وكذلك يمكنهم البقاء على قيد الحياة رغم كل الإصابات والجروح، وهذا ما جعل النقد في العديد من الثقافات يأتي حتى على لسان الرجل البسيط بقوله لأي موقف غير مبرر أو ردا على أي شخص يدعي قيامه بأي عمل خارق «فيلم هندي» كلفظة لا تخلو من السخرية وحقيقة العبارة تدل على عدم التصديق، ربما أن هذا التمرد من صناع الأفلام في الهند على العقلانية بتجاوزهم مشرحة المنطق ساعدهم على وفرة الإنتاج كما وأما الكيف فلن يكون لصالحهم في مدارس النقد العالمية التي لا تغفل الجانب العقلاني لدى المشاهد وإن حاولت التحايل عليه، ومع المحاولات المشابهة في الفن السينمائي الشرق أوسطي في كوريا واليابان مثلا نجدها أيضا لا تستطيع التمسك طويلا بالحرص على مقاربة العقلانية وتميل للخوارق والرجل الأسطورة بتبرير بسيط يكمن في جعل البطل محترفا لأنواع من فنون القتال الذي تزخر به تلك الثقافات، وما بين الحرص على التبرير المنطقي والعقلاني للحدث في المدرسة الأمريكية وبين التجاهل التام له في المدرسة الهندية وبين التبرير المكرر في المدرسة الشرق أوسطية، نجد المشاهد يشكر من ساعده على نسيان عقله لوقت معين لن يتعدى وقت عرض الفيلم، في الماضي كان هناك إمكانية كبيرة لتصديق الخدع البسيطة ومع التقدم الفكري والعلمي لدى المشاهد أصبح من الصعب خداعه ربما أن هذا الأمر ضاعف المسؤولية على أكثر المدارس الحريصة على مقاربة المنطق وتبرير الحدث حتى وأن كان الفيلم خيالا علميا بحتا، من باب كل ما كنت أكثر احتراما لعقلي كنت أكثر تقبلا لما تقدمه، فهل لا يزال بعد كل الوعي والتقدم في وسائل الاتصال التقني وغيره من يصدق الخدع المكررة في أغلب نشرات الأخبار أيضا.