كسرت ثورة 25 يناير الحواجز والعراقيل العديدة أمام «الصيرفة الإسلامية» التي لا تشكل سوى 3 إلى 4 % من عمليات قطاع البنوك في مصر مقارنة مع نسبة 46 % في دولة الإمارات، وبدأت عشرات المصارف الأجنبية والوطنية في مصر حاليا حملات لجذب المواطنين إلى المصارف الإسلامية، الأمر الذي يزيد من احتمالات أن تتحول مصر إلى مركز مزدهر آخر للتمويل الإسلامي وفقا لتقرير أصدرته شركة «ماكينزي» للاستشارات. وقالت مديرة مركز أبحاث في فرع لبنك البركة مصر أمل عباس «أفضل التمويل الإسلامي؛ لأنه يحميني من الربا وأشعر أن أموالي فيها بركة». وأضافت أن «زوجي يتعامل مع البنوك العادية منذ أكثر من 30 عاما وفشلت كل مشروعاته لأن تمويلها جاء من مال عديم البركة». وقال الأستاذ المساعد في كلية فليتشر للدبلوماسية في جامعة توفتس إبراهيم وردة لرويترز إنه «في عهد ما بعد مبارك ستصطدم الحاجة الملحة لإعادة البناء وتغيير الأمور مع نقص الموارد والأموال، ومن المرجح أن يمثل هذا فرصة لبيوت التمويل الإسلامي في منطقة الخليج التي تعد حاليا المركز العالمي لهذه الصناعة»، ورأى أن «مصر ستتطلع إلى الخليج؛ بحثا عن الأموال وسيتعين عليها أن تعرض خيارات إسلامية لزيادة حجم الاستثمارات». وأفاد تقرير أصدرته شركة «بي.أم.بي» للاستشارات الإسلامية أن هناك أيضا اهتماما بالغا في مصر بالتأمين الإسلامي أو التكافل الذي يمثل نحو 5 % من حجم سوق التأمين في مصر التي تقدر بنحو 1.45 مليار دولار، لكن من المتوقع أن ينمو بصورة كبيرة، ووفقا لبيانات «بانكسكوب» و«تومسون رويترز» يمكن أن تشهد مصر نموا في الأصول الإسلامية إلى عشرة مليارات دولار في 2013 من ستة مليارات في 2007. ورأى المدير التنفيذي ل «بي.أم.بي» للاستشارات الإسلامية هامايون دار أن مصر ستحتاج إلى تبني الأنشطة المصرفية الإسلامية أداة لاسترضاء الجماعات الإسلامية النشطة سياسيا أو ستواجه وابلا من الانتقادات لالتزامها بموقف النظام السابق المناوئ لهذه الصناعة، واعتبر أن «مصر بلد ذو حساسية دينية. هناك عدة عائلات ومدخرون صغار قد لا يرغبون في استخدام النظام التقليدي، إذا ما كان هناك تحرك صوب أنشطة بنكية بدون فائدة فسيجذب هذا ودائع». أما نائب مدير في بنك الإسكندرية، محمد رفعت فأشار إلى أن«الإخوان المسلمين يؤيدون التمويل الإسلامي؛ لأنه يرتبط بالدين، وسيروجون للفكرة طالما تصب في مصلحتهم»، ورجح أن تكتسب الصناعة موطئ قدم أكبر في مصر إذا ما حصل الإخوان على عدد كبير من مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر المقبل». ويقول خبراء إنه يتعين على الحكومة المصرية وضع قواعد لإصدار الصكوك وإزالة العوائق الضريبية التي تجعل المعاملات الإسلامية تفتقر إلى أي قيمة تجارية بهدف اجتذاب استثمارات أجنبية من دول الخليج النفطية، وضربوا مثالا لذلك بقيام بريطانيا وفرنسا بتغيير التشريعات؛ لتتماشى مع الصفقات الإسلامية فيما أقرت ماليزيا نظاما مزدوجا يجمع بين الأنشطة المصرفية التقليدية والإسلامية وتعتبر ماليزيا نموذجا للأسواق الجديدة التي تتطلع إلى تقديم منتجات تلتزم بالشريعة الإسلامية. وإلى ذلك تجاوزت قيمة القطاع المالي الإسلامي تريليون دولار، واتفق رواده خلال «مؤتمر الشرق الأوسط السنوي الأول للتمويل والاستثمار الإسلامي»، الذي انطلق في دبي أخيرا، على أن التمويل الإسلامي استأنف نموه ويكتسب مزيدا من الاهتمام في الأوساط المالية في عدد من المناطق حول العالم بعد الأزمة المالية العالمية، حيث شهد التمويل الإسلامي في الشرق الأوسط نموا ضخما خلال السنوات الأخيرة، مع تزايد إقبال مجتمع المستثمرين والوسطاء على البدائل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في القطاع المصرفي والتمويل. وتوقع المشاركون أن يصل حجم التمويل الإسلامي إلى 4 تريليونات دولار بحلول عام 2015، مقارنة ب 3 تريليونات دولار حاليا، وأن تنتعش سوق الصكوك مع تعافي الاقتصاد العالمي، وأشار الرئيس التنفيذي في مصرف نور الإسلامي حسين القمزي، إلى أن التمويل والاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ستقود إلى تعافي القطاع المالي العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة، وأكد أهمية تشكيل تحالفات استراتيجية بين القائمين على القطاع في المنطقة، وتعزيز الحوار بين الأطراف في الصناعة المالية العالمية .