أنا شاب أعمل في أمريكا متزوج ولدي بنت، مشكلتي هي أن زوجتي - للأسف - ربطتني بها علاقات مشبوهة قبل الزواج؛ مما جعل الحياة الزوجية صعبة، وكلما تذكرت الماضي شعرت بشعور غريب، وشعرت بقلة الثقة في زوجتي، ولم أعد أحبها وأرتاح أكثر عندما لا أكون بجنبها، ورغم أنها كثيرة التذمر والشكوى إلا أنها مطيعة في النهاية، أرغب في طلاقها ولكني أشفق على ابنتي وعليها أيضا؛ علما أن أهلي فقراء جدا، ثم أرجع وأقول إن ما بني على باطل فهو باطل، ولابد أن أطلقها وأتزوج بغيرها تكون مرضية الدين والخلق.. حين يدخل المرء مرحلة الشباب، يبدأ بالتطلع حوله، محسا أن الدنيا كلها قد اختلفت.. ووقتها يلاحظ أن ثم جنسا اسمه النساء.. يعيش معه في نفس الكوكب..! يبدأ الشخص بالدخول إلى عوالم المرأة بطرق متنوعة، التفكير.. الحديث مع من حوله.. العلاقات الخاطئة.. وغيرها، يبدأ كل هذا متأثرا بغريزتين زرعهما الله داخل كل مخلوق.. الشهوة.. وحب الاستقرار.. هنا لكل شاب حدوده، فمنهم من يكون كل عالم المرأة بالنسبة إليه مجرد فكرة.. وآخرون يتحول هذا فيهم إلى وقوع في بعض الممارسات الشخصية الخاطئة، وغيرهم يقدمون على اقتحام عالم المرأة بمحاولة التواصل معها هي شخصيا.. أيضا اقتحام عالم المرأة ليس يتماثل الكل فيه، فبعضهم يكون دخوله إلى هذا العالم بمجرد كلمة يلقيها على فتاة في الشارع وينتهي الموضوع.. وآخرون يكون التواصل إلكترونيا ولاشيء آخر.. وغيرهم يقدمون على علاقة حميمية محرمة.. أما البعض فيتعرف على الفتاة شخصيا مبررا لنفسه أن هذا السبيل الأمثل ليفهم شخصيتها أكثر قبل أن يقدم على الزواج منها.. سأحاول أن ألخص لك ما أراه مناسبا في نقاط سريعة.. أولا.. بالنسبة لمسألة الطلاق، تفكيرك فيها بحد ذاته مشكلة، فكلما فكرت فيها أكثر تأصلت جذورها أعمق في بالك.. وبدأت تبحث عن مبررات لها، لكن هل هدفك أنت هو الطلاق بحد ذاته..!!! لا أعتقد.. هدفك أنت، إيجاد حياة رائعة، تعيش فيها مسرورا مع زوجة تسعدك وتسعدها.. فابدأ بنزع أفكار الطلاق من عقلك، وفكر كيف تستطيع تكوين تلك الزوجة الرائعة التي تريدها.. ثانيا.. تغير طباع زوجتك، بلا شك أمر طبيعي.. واعتيادي، إذ في مرحلة بدء العلاقة - أي علاقة بين رجل وامرأة - أو حتى بين صديقين من نفس الجنس، ستجد في البدايات كل شخص يظهر للآخر أحسن ما فيه، كأنه في دور مسرحي.. يخفي كل عيوبه.. يظهر إيجابياته.. بل وربما ظهرت لك صفات ليس يمتلكها أساسا.. هذه طبيعة بشرية تحدث دونما أي شعور من الشخص.. ولاحظ نفسك أنت.. تذكر بداية علاقتكما، وستجد أنك نفسك كنت مثاليا في بداية العلاقة.. قارن بين نفسك وبين تغيرك الآن..! ثالثا.. بالنسبة للصفات السلبية.. أخي العزيز، كل منا لديه جانبان في شخصيته.. جانب سلبي وآخر إيجابي.. ولو لم يكن للشخص ذلك لكان أرفع من منزلة البشر العاديين.. وهذا ما لا يكون.. إدراكنا لهذه النقطة بحد ذاته شيء رائع، لكن ما الذي يجعلنا نحس أن هذا الشخص مليء بالأشياء السلبية..؟ ذاك هو تركيزنا الشديد على كل الأفعال السلبية التي يقوم بها وملاحظة فقط القليل من الأعمال الإيجابية التي يفعلها الشخص.. لذا حقا أعجبتني حين قلت: «إلا أنها مطيعة».. فرائع نظرتك إلى الجانب الإيجابي، وإن كنت أتمنى حقا أن تزيد منها.. رابعا.. مسألة الشكوك.. لو ترك الشخص العادي -الذي تزوج زواجا لم تسبقه أي علاقة- العنان لما يمكن أن يعترض ذهنه من شكوك.. لما وسعه أي شيء.. بل إن الشك أحيانا ينقلب إلى مرض متى سمح له الشخص بأن يحتل حياته ويملأها.. أخي العزيز مسألة الشكوك والأفكار ليست بسبب كونه زواجا سبقته علاقة، بل بسبب سحابة قلق عنت لك، فرحت تسهم في مدها، لتغطي سماء ذهنك، ولتبحث عما يشرعنها لك.... إنك تركت كل تصرف تقوم به ولو كان بريئا يبحث له عقلك عن اتجاه ليحوله إليه.. فلو كنتما تسيران مثلا ورأيت منها التفاتة سريعة، نظرت أنت وإذا به رجل يسير.. على الفور لن تفكر أنها كانت تتطلع إلى واجهة الملابس التي تسيران بجوارها.. بل سيذهب خيالك إلى أنها إنما التفتت من أجل الرجل الذي يسير. خامسا.. نقصان الحب.. الحب أخي هو إكسير رائع.. نحن من نكونه ونمزجه.. نحن بأفكارنا وتخيلاتنا.. نحن من ننقص جرعته التي تصل إلى القلب.. هو لا يختفي أو يقل.. نحن من نفعل به هذا.. فلا تلم الحب.. بل لم أفكارك التي جعلت الحب ينقص.. وحاول التخلص منها، وستجد الحب يعود أقوى مما كان. سادسا.. مما لاشك فيه أن تفكيرك ثم معاودتك التفكير في موضوع علاقتكما السابق هو ما جعلك تضع سيناريوهات لم تحصل ولن تحصل..! لا يعني أنكما قبل الزواج تعرفتما على بعضكما، وربما حصلت بينكما بعض الممارسات الخاطئة.. لا يعني هذا أن زوجتك بهذا الشكل الذي تتخيله، فهي لم تتعرف عليك.. لم تحدثك إلا لكونها أحبتك وارتاحت لك أنت من بين الجميع، لا يعني أن تعكس ما حدث قبل الزواج على حالك الآن.. وتتصور أن ما حدث قبل الزواج سيتكرر وسيحدث دائما..!! بالعكس، فهي الآن شعرت بأن صلة تربطها بك أكثر من السابق.. فهي الآن ليست غريبة تمارس معك شيئا خاطئا هي زوجتك أمام الجميع تفخر بهذا وتسعد.. فلا تجعل ما حدث قبل الزواج، يكون هو المقياس الذي تقيس من خلاله كل تصرفات زوجتك.. وكل أخلاقياتها.. انس تلك المرحلة؛ فهي لن تتكرر إطلاقا.. فكما أسلفت هي لم تفعل هذا لأحد قبلك، ولن تفعله لأحد من بعدك.. ولم تمنحك قلبها دونما أي صلة؛ إلا لأنها رأت أنك من بين الجميع تستحقها.. فامح عنك تلك الأفكار.. المسألة ليست في تغيير زوجة أو ما شابه.. المسألة في تغيير تفكير.. اجلس أنت وهي، وفي بالك أنك قد قررت تغيير كل شيء.. أن ترتقي بحياتكما، وتعيد رونقها.. تحدث لها عما بداخلك.. واجعلها تكلمك عما في أعماقها.. لأني متأكد أن لديها أشياء هي تريد قولها.. تعاهدا أن تبدآ رحلة جديدة.. رائعة.. ثم فكر في ابنتك.. ما ذنبها في كل ما يحصل، أتكون ضحية لأن والدها يفكر بشكل جزء منه فيه نوع من الخطأ.. أن تقاسي الضغط النفسي لرؤية تفرق والديها كان كل واحد منهما مجبر على الجلوس مع الآخر المجيب: جابر عبدالعزيز المقبل