للأسف نعيش في مجتمع يجعل القبيلة في موقع أقرب للقدسية، ونحكم على الشخص بقبيلته، ونتعرف عليه لأنه ابن القبيلة تلك، ونجعله تحت التراب لأنه من القبيلة الأخرى، ونهدر الأموال من أجل اسم القبيلة بين القبائل، ونفعل اللامعقول لأجل صيت القبيلة عند العرب، ونرفض أي دخيل مفيد من أجل كلام القبائل، ونربي أطفالنا على أن القبيلة هي أمكم التي تستحق منكم أن تحسنوا إليها، ونشبع قلوبهم ب «الطنخة» حتى يكتبوا اسمها أو رمزها على السيارات والجدران تفاخرا وتباهيا بها! إلى متى هذه المهزلة، والقبيلة شيء أقل من العدم! ماذا قدمت لنا قبائلنا التي نتحارب لأجلها؟ القبيلة لم تأخذ بيد أبنائنا وتسجلهم في تخصصات جامعية يرغبون فيها. القبيلة لم تأت وتسدد القروض البنكية التي تقضم نصف رواتبنا. القبيلة لم تقنع وزير التجارة بتخفيض سعر صندوق الطماطم. القبيلة لم تنه مهزلة تصريف الأمطار في جدة. القبيلة لم تأخذ بأيدينا لنقف، ونبدع، ونتثقف. القبيلة اسم نصرح به ولا ندري أين هو منا! متى سندرك أن هذا الشيء رجعي ولا حاجة لنا به، وأنه سبب لكثير من الفرقات والنزاعات اليوم؟ متى سنقول فلان الفلاني صح لأنه صح، وخطأ لأنه خطأ، ليس صح وخطأ لأنه من نسل تلك القبيلة؟ أيها القارئ: لا تحسب أني أقول أنكروا أصولكم، أو تخلوا عنها، وإنما ما قصدته هو أن نعزل قبائلنا وأنسابنا عن تعاملاتنا الاجتماعية والفكرية ونجعلها مجرد أحرف نشكلها ونردفها بعد أسمائنا لنبقى بلا جاهلية.