«يمكن يجي بكرة يمكن بعده أو يمكن الأسبوع الجاي.. الله أعلم». الجملة أعلاه قالها لي موظف قطاع خاص دون «نِفس» يعمل في إحدى أكبر شركات الشرق الأوسط. القصة وما فيها أن الشركة إياها أزعجتنا بحملات إعلانية ضخمة عن منتج مع خدمة معينة بل ولاحقوني برسائل إلكترونية حتى اقتنعت وذهبت بنفسي لأجد من يقول لي إن المنتج نفد من ثاني يوم من طرحه، واستمررت في الذهاب إلى مقر الشركة كل يومين أو ثلاثة لمدة أسبوعين لعل وعسى يأتي المنتج مرة أخرى، ولكن دون فائدة. في كل مرة أرى الفوضى وموظفين لا يعرفون أبسط المعلومات وطبعا لسبب لا أعلمه، يبدو أن الكثير منهم يعتقد أن النفس «الخايسة» والتعامل بلا مبالاة مع العملاء يدل على أهمية هذا الموظف وتكسبه احترام الآخرين من باب الثقل زين! المشكلة ليست في الموظف فقط، فإدارة الشركة من الواضح أنها لا تبالي بطريقة تعامل موظفيها مع العملاء. في «العالم الأول» لو اشتكى العميل من تعامل موظف لمدير أو مشرف لتدخل هذا الأخير وأجبر الموظف على الاعتذار وتأكد من خروج العميل راضيا. أما عندنا فما دام رب البيت...! والمشكلة الكبرى في هذه الحالة وفي حالات أخرى كثيرة شبيهة هي في الإدارة التي صرفت مبالغ طائلة لخلق طلب لم تقدر حجمه ولم تلبه مع أن فهم آلية العرض والطلب من أساسيات الاقتصاد الرأسمالي الحر. أحد الزملاء الظرفاء علق قائلا لعلها من باب «تعزيز السلعة» أي لخلق طلب أكبر. ولكن قلة الطلب هنا ليست المشكلة. لابد من ضرب الحديد وهو حام وإلا سيمل العميل وينتفي طلبه لهذه السلعة. كما أن المنتج هذا ليس نخبويا حتى يحاط بهالة الندرة. النقطة الأخرى هي أن هذه الشركة شبه حكومية وتعاني في السنوات القليلة الماضية من تدن شديد في الأرباح بسبب المنافسة الشرسة، ومع ذلك فالأمور من الواضح أنها لا تزال تدار بنفس العقلية القديمة. زميل ظريف آخر علق قائلا «يا أخي كلم واحد من معارفك في الشركة إياها يظبطك». أعتقد أننا ربما نكون من البلاد القليلة التي تحتاج فيها إلى واسطة لتدفع من جيبك.