تواجه الثقافة الاقتصادية للسعوديين تحديات نمطية متعددة في أوجه إنفاقهم وصرفهم على الضروريات والكماليات، وذلك ما يرفع معدلات الاستهلاك إلى أرقام كبيرة تجعل السعودية أحد أكبر المجتمعات الاستهلاكية في العالم. ويشير عدد من الاقتصاديين إلى ضعف ثقافة الاستهلاك لدى المواطن السعودي، حيث يصرف في كثير من الأحيان ببذخ وإفراط في ظل محاصرة أنظمة التقسيط وبطاقات الائتمان له، ولذلك فإن كثيرا من الأفراد يغرقون في سلسلة طويلة من الديون الشخصية. غطاء مالي ويقول رجل الأعمال محمد عبدالله آل حافظ إن المواطن السعودي بحاجة إلى تغيير نمط سلوكه الاقتصادي، وبدلا من الدخول في دوامة الأقساط عليه أن يعتاد الصرف بنسبة وتناسب بين دخله وحاجاته طوال الشهر، وأن يتخلص من بعض الكماليات والأشياء غير الضرورية. ويضيف آل حافظ: «النمط الاستهلاكي السائد يدمر القدرة على الادخار ويبقي المواطن على حافة الهاوية، فهو إذا كان موظفا عليه أن يوزع راتبه على ضروريات الشهر، وعليه أن يعلم أن صرف الراتب منذ الأسبوع الأول في الشهر يجعله مكشوفا أمام احتياجات أخرى بينها الطارئ والأساسي ولن يجد ما يغطيه بها ماليا، ولذلك من المهم تعلم ثقافة الادخار، وإذا كان بنك التسليف يعمل على توفير قروض للمواطنين ينبغي التشديد فيها ووضع اشتراطات ملزمة ودقيقة تجعل المراجع يفكر كثيرا قبل أن يتقدم بطلب قرض». طابع استهلاكي ويؤكد رجل الأعمال إبراهيم العساف أن تجربة بنك التسليف أشبه بإعطاء السمكة للمحتاج لها بدلا من تعليمه كيفية اصطيادها، ولو أن البنك عمل على توفير خيارات يتشارك فيها الأفراد عبر منشآت صغيرة ومتوسطة لكان أفضل، لأنه من المؤكد أن كثيرا من المواطنين يتقدمون لخدماته ولديهم غير قروضه قروض أخرى لدى شركات تمليك السيارات والبنوك وبطاقات ائتمان لا يمكن تسديدها بسهولة. ويقول العساف: «الثقافة الادخارية للمواطن ضعيفة إن لم تكن معدومة، فالمواطنون لا يعون أهمية الاقتصاد في حياتهم حيث إن الطابع الغالب لديهم قائم على الاستهلاك وإنفاق ما يملكون على احتياجات كثير منها غير ضروري، ويجب مع ذلك إطلاق برامج ادخار ونشر ثقافة الادخار وتوفير القرش الأبيض لليوم الأسود عندما يحتاجون لمبالغ أكبر». ضغوط من جميع الجوانب ويشير رجل الأعمال حسين النعمي إلى أن غياب الروح الاقتصادية في معيشة المواطنين تجعل ثقافة الاستهلاك هي السائدة، فكثير من المواطنين مرتبطون وملتزمون بقروض لا تنتهي من سيارات وبيوت وغيرها، وأعتقد أن الجهات التمويلية معنية بالمشاركة في إطلاق برامج توعية وتثقيف بقيمة الادخار في حياتنا. ويضيف النعمي: «الثقافة الاستهلاكية أصبحت للأسف مثل التسونامي بالنسبة للمواطنين في حياتهم، وينبغي أن نتوسط في الأمور ونعود أنفسنا على الصرف وفقا لميزانيات شهرية يكون فيها هامش ادخار لا نقربه باعتباره رصيدا لأي طوارئ، والإسراف عموما مذموم ولكنه للأسف طابع اجتماعي في كثير من الأشياء، وهذا له خطره وأضراره على واقع الناس، فعندما يجد موظف أنه مكشوف ماليا منذ الأيام الأولى للشهر قد لا تتصور كيف يتجه بتفكيره وهو مواجه بضغوط من جميع الجوانب ولديه التزامات هنا وهناك، بالتأكيد قد يسلك سلوكا خاطئا لتعويض نقصه المالي، ولذلك من الضروري أن نشيع ثقافة الادخار لمواجهة تحدياتنا الاقتصادية الخاصة في حياتنا» .