طالب مجموعة من المصابين بمرض نقص المناعة «الأيدز» بزيارة المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وبرفقة مجموعة من الأطباء، ليتمكنوا من نقل الصورة الواقعية عن معاناتهم. ولم يكن اللقاء الأخير في المبادرة السعودية لمكافحة «الأيدز» في دول مجلس التعاون الخليجي، على شاكلة توصيات، بالقدر الذي أتيحت فيه الفرصة للمصابين بتوصيل صوتهم إلى المجتمع للتفاعل مع معاناتهم، أملا في الوصول إلى حلول واقعية، وليست توصيات مكتوبة ربما لا ترى طريقها إلى النور. وذهب أحد المصابين - في مشاركته - إلى التأكيد على أن المعاناة مزدوجة مع المرض والمجتمع: «نحن على استعداد تام للذهاب إلى المفتي مع الأطباء المهتمين بواقعنا، والجلوس معه على طاولة الحوار، ونقل الصورة الحقيقية عن واقعنا المؤلم المتمثل في نظرة المجتمع تجاه كل مريض، ونعتقد أننا قادرون على علاج مشكلة انتشار مرض «الأيدز»، وسنخطر المفتي بأن المكافحة والوقاية لا تستوجب زيادة الإيمان عند الفرد، بل رفع مستوى الوعي والإدراك، خاصة أن العديد من المصابين هم في الأصل ليسوا مسببين رئيسين للمرض». وروى المصاب ما تعرض له من مضايقات كثيرة في حياته، بداية من طرده من المنزل، وتهجيره في الشوارع على مدى عشرة أعوام، دون أن يجد أي دخل مادي أو مأوى، بغض النظر عن الوظائف التي تم إقصاؤه منها دون معرفة السبب: «هناك كثيرون من زملائي أوقفوا تلك المعاناة بإقدامهم على الانتحار، والتخلص من الحياة إلى الأبد، لعدم وجود من يقف معهم». ورفض العديد من المصابين الذين حضروا الجلسة الختامية أمس، تسمية المرض بالوباء، مؤكدين أنه ليس معديا، وإلا فكل الحضور قد أصيبوا بالمرض، مطالبين بالاكتفاء بتوصيفه بأنه مرض. وكانت جلسات المبادرة شهدت على مدار اليومين الماضيين نقاشا ساخنا من جميع المشاركين على مستوى العالم، في وقت تعجبت مسؤولة بحرينية د. سمية الجود رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة الأيدز في البحرين من تكرار اللقاءات والتوصيات دون أدنى فائدة: «منذ 20 عاما، ونحن نسمع مثل هذه التوصيات، وكان آخرها الملتقى الذي عقد في مملكة البحرين عام 2006م، وخرجنا بالتوصيات نفسها، ولم تفعل أي توصية»، مطالبة بحذف فكرة التوصيات والمحاور، وترك الأمر إلى كل دولة من دول مجلس التعاون تفعل ما يناسب عاداتها وتقاليدها، على أن يكون هناك اجتماع نهاية كل عام لرؤية تجربة كل دولة. إلا أن إحدى الحاضرات ردت على الدكتورة البحرينية بنفي ما قالته، واعتبرته حديثا غير دقيق، حيث إن العديد من البرامج التي كانت بين الاجتماعات ناجحة، وأتت بنتيجة إيجابية، وأبرز تلك النتائج هذه المبادرة السعودية، لكن معظم الحضور اتفقوا على انتقاد عدم وجود بحوث ميدانية في دول مجلس التعاون الخليجي، فيما حملت التوصيات النهائية التي أطلق عليها ميثاق الرياض لمرض «الأيدز» العديد من التوصيات، كان أبرزها إيجاد دورات تدريبية للقيادات الدينية من مراجع شرعية ودعاة حول تفعيل دور العلماء في الحد من انتشار المرض، والبعد عن عملية الإرشاد والتوجيه، والنزول إلى الميدان والقرب الأكثر، وتفعيل العديد من البرامج التي تساعد على الوقاية من العلاج، وعمل بحوث ميدانية محكمة في دول مجلس التعاون الخليجي تقوم على توصيف دقيق للوباء والعوامل الدافعة له، وحماية الطفل والمرأة والطرق المناسبة لوقايتهم من خطر الإصابة بالمرض وتوفير برامج للمشورة والفحص وتفعيل دورها في المجتمع، وإتاحة الفرصة الكاملة للنساء وحمايتهم من الفيروس وأطفالهم، ودعم جهود برامج رعاية المتعايشين مع الفيروس، وإزالة كل مظاهر التمييز ضدهم، وتدريب المتعايشين مع الفيروس، والمحافظة على حقوق الإنسان الأساسية من العلاج والعمل والانتقال، كما أشير إلى أن القوانين والحماية لا تعني الموافقة على السلوكيات الخاطئة، بالإضافة إلى دعم برامج الوقاية للشباب