ما إن أصدر العاهل السعودي أمره بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حتى تم تناقل الخبر بسعادة بالغة مصحوبة بدعوات لمقام الملك الصالح، ليأتي السؤال ماذا قدمنا للوطن نحن كأفراد في محاربة الفساد، وما يهم وفق هذه الصفحة المجال الإعلامي والمتعلق بما يبث عبر شاشات التلفاز في إطار الرسائل الفنية على اختلافها، من أعمال فنية درامية أو مسرحية نحاول من خلالها تضميد وعلاج جراحات وطننا من مرض عضال يصيب أي مجتمع بشري كسرطان فتاك اسمه فساد على اختلاف تشكلاته الخطيرة واتفاق مسبباته التي غالبها غياب الضمير وانعدام الإحساس بالمسؤولية بدافع الأنانية المفرطة وعدم الخوف من الله مجملا، ولو حاولت الإجابة عن سؤالي السابق فلن أجد ذلك «الأسكتش» الذي كتبته قبل سبع سنوات تقريبا وقدمه برنامج cbm بعنوان «من أين لك هذا؟» وكنت أعني بتلك المشاركة أن الدول العربية هي من أكثر الدول التي تدفع ثمن الفساد من تقدمها بين الدول، ومع ذلك فلن أجد لنفسي ولا لغيري من المعنيين بصناعة الرسائل التليفزيونية مبررا لتقصيرنا أمام طرح مثل هذه المشكلة الكبيرة على اختلاف صورها وتشعباتها وكشف ألاعيب المنتفعين في أي إدارة كانت لنوصل الأمر للجهات المعنية التي قد يحول اعتياد المحسوبيات مثلا كثقافة مجتمعية أمام القيام بمسؤولياتها، وبالنسبة للعنوان فأعيذ هيئتنا الوليدة بالله من عدوى الفساد أو اللامبالاة حتى في أصغر عامل نظافة لديهم. وأعود متسائلا هل رأينا سابقا عملا متقنا يكشف ما الذي قد تسببه واسطة تتيح لشخص ما الحصول على شيء لا يستحقه، مما يعني أن هناك شخصا ما حرم من حق لو حصل عليه ربما لأصبح أكثر فائدة لمجتمعه من صاحب الواسطة وقس على ذلك في الوظائف وفي مواعيد المستشفيات، وفي القبول في الجامعات وإلى آخره، وهذا وجه واحد لأوجه بشعة عديدة للفساد، وهل رأينا من قبل في المسرح رسالة عميقة وجذابة تنمي بدواخلنا حب النزاهة وتحيي الضمائر، ليصبح الفساد بنظرنا جميعا كأفراد مرضا يجب الحذر منه كما نخاف ونحذر من الوقوع في المخدرات فمن اعتاد تغييب ضميره فمن سيكون عليه رقيبا!. ولا وقت للتشاؤم، خصوصا بعد أن أنشئت هذه الهيئة وبدا جليا للجميع أن رأس السلطة مهتم تماما بمحاربة الفساد، ليبقى الدور ليس على الهيئة وحدها بل على كل فرد في هذا المجتمع النبيل، فإن كانت المجتمعات المتقدمة حاربت الفساد لمجرد العلم بضرره، فنحن الآن ندرك جيدا ضرره على كل شيء في حياتنا، كما أن ديننا الحنيف يعزز بدواخلنا الرفض لهذا الداء الخبيث ولنثبت لأنفسنا قبل غيرنا بأننا إلى الله نتقرب بإنكار الفساد.