أحيانا كثيرة، تختزن في نفسك كلاما كثيرا تود كتابته فتتشتت الحروف بين يديك ومن خلفك !تتبعثر العبارات، ويزول كل ما في جوفك من مصطلحات، ولا يبقى إلا حبر سحري تكتب فيه في جوف من يعرفك.. يقرؤك.. يعرف تفاصيلك.. يقرأ عيونك ويتفحص كل الكلمات التي في أعماقك.. يحفظها حتى يصمها عن ظهر قلب.. ويعرف كل ما تريد قوله وما لا تريد.. يكتب بيدك.. ويرسم بريشتك على جدران روحك.. على شواطئ نفسك.. يتحسس أنفاسك.. يتلمس احتياجاتك.. يسمع كل ما تلفظه خلجاتك وما تقوله أفكارك. كلام غير مقروء وغير مسموع.. لا يوجد وسائل توصله ولا تقنية تنقله، فكل السبل مقفلة بوجهه إلا القلوب.. إلا الشجون في الصدور.. إلا إلا.. ويكفيك إلا ! لا تتلعثم.. لا تقف جاثما في صدرك.. تخشى أن تعبر فتخسر قيمك وذاتك.. أنت ذاتك وقيمك أنت صانعها والعالم كله يتفرج عليها.. قل ما في صدرك بانشراح وقوة وتركيز وثقة في كل ما في وجدانك من ثوابت ورواسخ ومن جبال شاهقة.. سافر حيث هو واستقر في الوسط ودع الجوانب لعشاقها.. اسكن وانزل بالمكان وعشعش وتذكر أن العصافير تعشق الطير بعيدا وتحب أن تصاحب النجوم وتعانق الهواء والغيوم.. أنت عصفور؟ لا.. بل كل العصافير تسكنك وتعرف حديثك.. وحدك إلا معه.. تخاطبه كل لحظة وكل اللحظات تحاكيه.. تتكلم الشفتان بكلام يعرف معناه ولا يسأل عن مبتغاه.. يتوسل أن تلفظ كل الألفاظ المعروفة فتأبى لأنك تعرف الألفاظ ولا تريد أن تقولها إلا بصمتك بكلام غير مكتوب! ومع ذلك، اكتب في ورقة لا على الكمبيوتر كما تفعل دوما.. دع المشاعر تصل من خلال تكسر الكلمات وعدم اتزان الحروف مع بعضها.. أخطاء إملائية؟ أفضل.. فالأدب هكذا يبدأ.. كم تتوقع أن فيك من خزائن وكنوز؟ ذهب وجواهر وألماس أو أي شيء محسوس مقيم بقيمة معروفة يتزاحم عليها البشر يقيمونها يتزايدون يركضون خلفها؟ لا.. فقيمة حروفك لا تقاس بالمال ولا بالأذواق.. قيمتها بقدر ما تحرك النفس وتحيي.. بقدر ما تزعزع الكائنات وتشجي! ومع ذلك! لا تصمت.. فجر كل المحيطات التي في داخلك.. أخرج كل الكنوز التي تخزنها وتظن أن القناعات هي الحارسة.. قناعات؟ فجر قناعاتك بكل الأسلحة النووية التي تمتلكها.. غير الكون من حولك وكن لا كما كنت من قبل.. تغير نحو الأفضل.. نحو القمة.. واكتب كل الكلام المباح الذي تعرفه ولا تعرفه.. تفهمه ولا تفهمه.. أوصل عبارتك بأبسط طريق كما تحب.. لا تتفلسف.. أنت لا تحب الفلسفة ولا التفيقه.. قل ما تريد مباشرة من الحربة إلى الحربة.. من الوسط إلى الوسط.. من الكون إلى الكون.. تتألم؟ لا.. ومن قال أن الراحة يعقبها ألم.. نحن نصنع الألم وفق ما نريد ووفق ما نقنع أنفسنا به.. لا ألم بعد الكلام غير المقروء.. ستقرؤه كل الأفئدة التي تعرفك.. وتحب هذا الكلام.. وتعجب به.. وتتذكر كم هي مشتاقة لمثل هذه الكلمات وتود لو تقرأ دائما مثلها.. فقط.. حرر كفيك.. وأرسل العنان لفؤادك! مدونة محمد الصالح http://mhalsaleh.net