شكلت الاضطرابات السياسية في الوطن العربي ضغطا كبيرا على كثير من مشاهير الفن والإعلام، كما أن ثورات الشارع وضعتهم في مأزق بسبب ارتباطاتهم السابقة ببعض الأنظمة التي حدثت عليها انقسامات كبيرة، ولم تشفع لهم ذاكرة البسطاء لحظة ما تواجدوا فيها داخل قصور ومنتجعات بعض كبار المسؤولين التابعين لتلك الفترات السياسية التي حدثت حولها انقسامات شعبية، هذه العلاقات التي كانت محط فخر واعتزاز من هؤلاء النجوم أصبحت بين يوم وليلة تشكل عبئا على أصحابها، وفتحت عليهم نوافذ الاتهامات التي يصعب إغلاقها، ولعلنا في الفترة الماضية رأينا كيف أحرج الجمهور هؤلاء المشاهير بإعادة التفتيش في ماضيهم والإشارة إليهم بأصابع الاتهام في أنهم كانوا في يوم ما طرفا في مناسبة أو تكريم وأنهم ممن اعتادوا أن يجلسوا على موائد الابتسامات الصفراء والمصالح. في البرامج المصرية يتكرر سؤال «هل كنت مع الثورة أم ضدها؟» هذا الأمر دفع الفنانين للتسابق على الظهور من أجل إثبات أنهم جميعا كانوا في ميدان التحرير وكانوا مع رغبات الجمهور، بل الطريف في الأمر أن كثيرا من الفنانات حاولن إقناع الرأي العام بأنهن مع الثورة وأكدن أنهن تواجدن في ميدان التحرير مرتديات النقاب، جزء آخر من البرامج عكف فيه المذيعون على تسريب قوائم بأسماء الفنانين الذين أداروا ظهورهم لميدان التحرير، فيما تفرغ جزء من الفنانين على رد هذه الإشاعات ومحاولة البحث عن أي صورة أو أفلام تجمعهم مع شخصيات من النظام السابق من أجل إتلافها، ولعلنا نستشهد بموقف الفنان نور الشريف الذي حاول الحصول على المسلسل الإذاعي «الضربة الجوية» الذي يمجد فيه الرئيس المصري السابق وكان من المنتظر أن تبثه إذاعة صوت العرب تزامنا مع الانتخابات التي كان من المقرر أن يخوضها الرئيس السابق. وتواجد في القوائم التي أصدرتها بعض الجماهير المتعصبة ووزعتها على الشبكة العنكبوتية نخبة من النجوم المصريين كان أبرزهم: عادل إمام الذي امتدح الحكومة السابقة و«أكد أنها جنبت المصريين كثيرا من المشكلات» هذا التصريح الذي أطلقه يستخدم اليوم ضده من قبل كثير من الفئات التي كانت تنوي تصفية حسابات شخصية معه. ومن النجوم الذين شملتهم القوائم «إلهام شاهين، يسرا، نادية الجندي، طلعت زكريا، غادة عبدالرازق، صابرين، دلال عبدالعزيز، أحمد السقا، منى زكي، أحمد عز، حسن يوسف ووفاء عامر» وهذه المجموعة من الفنانين تتفرغ هذه الأيام لتوضيح مواقفها من الثورة وتدافع عن الاتهامات التي يتعرضون لها من قبل بعض الأقلام والبرامج، وليست الأزمة المصرية التي ورطت النجوم فحسب بل حتى الأزمة الليبية أفرزت هي الأخرى عددا من المشكلات التي يتعرض لها مجموعة من المشاهير، فبعد الهجوم الذي شنه الجمهور العربي على تامر حسني فور ظهور صورة له بجانب صورة العقيد معمر القذافي وهو يبتسم ويغني ويتلقى الزي الليبي. ظهر أخيرا صورة للفنانة والإعلامية الكويتية حليمة بولند جانب العقيد معمر القذافي، وهو الأمر الذي زاد من انتقاد الجمهور لها، وخاصة أن الجمهور العربي اعتبر أن النجوم كانوا غير واعين بالأحداث السياسية وأن تفكيرهم السياسي الحقيقي ليس له أهمية أمام تحقيق مصالحهم الشخصية، والغريب أن صورة حليمة بولند لاقت اتهاما واسع النطاق حيث لم يعرف حتى الآن الهدف من وراء إبراز الصورة أو لماذا قامت حليمة بولند بهذه الزيارة؟ وأثار فيديو يجمع معمر القذافي مع مجموعة من الفنانين بدمشق في منزل الممثل السوري دريد لحام حالة من الغضب، سادت مستخدمي الفيس بوك والمنتديات الإلكترونية وموقع اليوتيوب. ويرجع تاريخ تصوير الفيديو، كما يظهر في عبارة يتضمنها، إلى 31 مارس 2008، غير أن عرضه في هذا التوقيت مع اشتعال الأحداث في ليبيا ألقى باتهامات طالت الفنانين الذين يظهرون به، حيث وجه لهم الجمهور تهما كثيرة. ويظهر فيه الفنان دريد لحام والفنانة سلمى المصري والفنان الراحل ناجي جبر وتميزت الجلسة ب «المواويل» التي غناها المطرب علي الديك والمطرب وفيق حبيب لمدح الرئيس الليبي، وتأتي هذه الأزمات التي يتعرض لها الفنانون العرب في الوقت الذي أعلن فيه المتحدث باسم النجمة الأمريكية بيونسي أنها تبرعت بالمبلغ الذي تقاضته مقابل الغناء أمام عائلة العقيد الليبي معمر القذافي للمساعدة في جهود إغاثة هايتي التي ضربها زلزال مدمر قبل عام. وقال المتحدث لموقع «يو إس ماجازين» الأمريكي إنه ردا على مطالبة «بيونسي» بإعادة المبلغ الذي قبضته من الغناء أمام عائلة القذافي في العام 2009، فلا بد من التوضيح أن هذه الأموال صبت في دعم جهود الإغاثة في هايتي «تم التبرع بكل الأموال التي حصلت عليها (بيونسي) من الغناء في حفل خاص ليلة رأس السنة 2009 بما في ذلك العمولات التي دفعت لوكالة السفر، لأعمال الإغاثة من زلزال هايتي قبل أكثر من عام وما إن اتضح أن الطرف الثالث المتعهد الحفل مرتبط بعائلة القذافي حتى اتخذ القرار بالتبرع بالمبلغ لأعمال الخير». يشار إلى أن النجمة الكندية نيلي «فورتادو» أعلنت أخيرا أنها ستتبرع للجمعيات الخيرية بمبلغ مليون دولار حصلت عليه مقابل تقديم حفل لعائلة القذافي، وكان عدة نجوم أمريكيين بينهم ماريا كاري وبيونسي وأشر تعرضوا لضغوط للتبرع بأموال حصلوا عليها من تقديم عروض خاصة لعائلة القذافي .