ستكون الدول الغربية قريبا مشغولة بخوض حرب في ليبيا مع الهدف النبيل المتمثل في حماية المدنيين. وأجاز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة استخدام «جميع التدابير الضرورية»، بما في ذلك القصف الجوي، لمنع العقيد القذافي تحقيق أي انتصار عسكري. ولم يكن من الواضح على الإطلاق معنى هذا التفويض عندما يتم تطبيقه عمليا؛ رغم أن الوضوح في الأهداف يحقق النتائج المرجوة. وتوصل الأمريكان والبريطانيون والفرنسيون إلى أن إقامة منطقة حظر جوي ليست كافية، وذلك لأن قوة الزعيم الليبي تكمن في الدبابات وقوات المشاة، ولهذا فإن تعطيل قوة الطيران لن تكون كافية لوقف استيلاء القذافي على بنغازي والمناطق الشرقية في البلاد. ونظرا لأن معظم سكان ليبيا يعيشون في المدن والبلدات القريبة من الساحل، فإن الضربات الجوية قد تحد من تقدم قوات النظام. وتفيد تقاليد الحروب في الشرق الأوسط بأن الأيام الأولى للتدخل الأجنبي تكون دائما هي الأفضل. في أفغانستان والعراق، كانت الأهداف واضحة المعالم حيث تمثلت في الإطاحة بنظامي طالبان وصدام حسين. ولكن الأمر في ليبيا أقل وضوحا. فهل الهدف هو الدفاع عن المعارضين في المناطق الشرقية من البلاد؟ وهل سيمتد التدخل ليشمل حماية أي مواقع أخرى لهم في الغرب مثل مصراتة التي تشهد قتال شوارع؟ وهل الهدف هو التخلص من القذافي؟. ومناطق حظر الطيران الجوي بمفردها تجعل من الصعب العمل على نحو فعال. ويمكن أن يكون لها تأثير الترهيب، ولكن هذا يعتمد بشكل كبير على تهديد ضمني من الضربات الجوية. لقد فشل الحظر الجوي وحده في إنقاذ انتفاضات الشيعة والأكراد عام 1991، لأن صدام حسين كان يملك المدرعات التي تعجز المليشيات عن مواجهتها. والتدخل الناجح للقوى الخارجية يتطلب توجيهات من قبل فرق من الجنود الأجانب على الأرض لشن الضربات الجوية، وكذلك تعاون مليشيات محلية، وهذا ما حدث مع طالبان عام 2001، وقوات الحكومة العراقية في الشمال عام 2003. علما بأن التدخل في ليبيا سيأتي بعد بيان جامعة الدول العربية التي طالبت بذلك.