يشكل الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مصر، غدا، أول اختبار عبر صناديق الاقتراع للمرحلة الانتقالية التي يديرها الآن الجيش منذ سقوط الرئيس حسني مبارك. وهو اقتراع غير محسوم النتائج يضع الناخبين أمام خيارين هما «نعم» للموافقة على تعديلات سريعة لكنها محدودة للدستور، أو «لا» استجابة للداعين إلى صياغة دستور جديد حتى إن أدى ذلك إلى تمديد المرحلة الانتقالية وما يترتب عليها من مخاوف. وتم توجيه الدعوة إلى 45 مليون مصري تزيد أعمارهم عن 18 عاما إلى صناديق الاقتراع. وأعلنت اللجنة الانتخابية أنه سيتم نشر نحو 36 ألف عسكري إضافة إلى الشرطة لضمان الأمن في محيط مراكز الاقتراع. سيكون أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يمسك بالسلطة في مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير الماضي، خيارات عدة إذا ما رفض المصريون التعديلات الدستورية المقترحة في الاستفتاء وعلى رأسها الدعوة لانتخاب جمعية تأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد. وسيكون على المصريين التصويت ب «نعم» أو «لا» على تعديلات تشمل تسع مواد من الدستور تزيل القيود المفروضة على الترشح لرئاسة الجمهورية وتمنع بقاءه في السلطة أكثر من ولايتين مدة كل منهما أربعة أعوام. كما تلغي هذه التعديلات المادة 139 التي تتيح لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري وتخول مجلس الشعب الذي يفترض انتخابه بعد التعديلات الدستورية، أي في يونيو المقبل، حق اختيار لجنة لوضع دستور جديد للبلاد على أن يتم الانتهاء من هذه المهمة في غضون عام من انتخابه. وتؤيد جماعة الإخوان المسلمين، أكثر القوى السياسية تنظيما، هذه التعديلات الدستورية التي يؤيدها أيضا الحزب الوطني الذي كان يتولى الحكم في عهد مبارك والذي أعلن بعض كوادره أخيرا أنهم يعيدون تنظيم صفوفهم بعد «تطهيرها» من المتورطين في الفساد. إلا أن بقية القوى السياسية سواء من اليمين الليبرالي مثل حزب الوفد أو من اليسار مثل حزب التجمع أو القوى الجديدة مثل «ائتلاف شباب الثورة»، فترفض كلها التعديلات. كما يرفضها أبرز مرشحين للرئاسة، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. ولكل واحد منهما تصور مختلف للمرحلة الانتقالية. وإضافة إلى القوى السياسية، يعارض العديد من خبراء القانون التعديلات الدستورية ويرون أن إقرارها سيطرح مشكلات قانونية كبيرة لأن بقاء الدستور القديم للبلاد «مع إدخال تعديلات محدودة عليه» يمنح الرئيس المقبل صلاحيات واسعة وهو ما يتعارض مع آمال الشعب في الديموقراطية والحرية وعدم تكرار الأوضاع السابقة للثورة. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة عطل العمل بالدستور في 13 يناير الماضي بعد يومين من تسليم مبارك السلطة للجيش، وتعهد بأن يتولى إدارة البلاد لمرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر تجرى فيها تعديلات دستورية وانتخابات تشريعية ثم انتخابات رئاسية. ووجه المجلس الدعوة إلى المشاركة في الاستفتاء مؤكدا في رسالة مقتضبة أن «التصويت في الاستفتاء شهادة ميلاد لمصر الديموقراطية»، وأضاف أن «قبول التعديلات أو رفضها حق مكفول لكل مصري، أدل بصوتك للحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير». وفي حالة رفض التعديلات، سيكون أمام الجيش اقتراحا موسى والبرادعي لدراستهما وبحث إمكانية تنفيذهما. كما سيكون أمامه خيار ثالث هو أن يتولى بنفسه الدعوة إلى تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد قبل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهو اقتراح يطرحه العديد من الكتاب والمحللين