يمكن القول إن لشعر الطفولة مساحة هامة في أدب الطفل، نظرا لإيقاعه العذب المحبب للنفوس وانسياب مفرداته المتناغمة في حروف خفيفة على اللسان قريبة من القلب. وأشار المختصون إلى تأثير الشعر على الكبار فكيف بالطفل صاحب الروح البيضاء المنفعلة بكل ما حولها، كيف به وهو يسمع أو يقرأ ويتغنى بأبيات مموسقة تحملُ معاني محببة إلى نفسه، ولذلك اعتنت المؤسسات التربوية بجانب الشعر الموجه للطفل أو ما يسمى بالأناشيد فخُصصت له مناهج مستقلة نظرا لتأثيره الفعال ودوره في زرع القيم وتعزيز الاتجاهات الإيجابية في ذات الطفل. وبرغم ما لتلك المناهج من أمور تحسب عليها سنأتي على ذكرها لاحقا إلا أنها تعد أمرا إيجابيا له تأثير واع لا يستهان به. ويكون شعر الطفل عادة لتحقيق هدف أو أهداف أستطيع تلخيصها فيما يلي: زرع القيم الفاضلة في عقول الأطفال، تعزيز الميول الإيجابية لديهم، ربطهم بلغتهم الأم وإثرائهم بمفردات متنوعة وجديدة، رفع الحس الأدبي وإشباع وإمتاع الجانب الوجداني، تعليمهم الواجبات الدينية ومساعدتهم في حفظ المعارف والعلوم المنهجية. ولتحقيق هذه الأهداف، لا بد من مراعاة بساطة المفردات ووضوح الفكرة، فغرابة واستعصاء أحدها تخلق نفورا لدى الطفل وتأتي بنتيجة عكسية، بالإضافة إلى ضرورة سلاسة الوزن وخفته وانسيابه، كما أن الإيجاز وعدم الإسهاب في عدد الأبيات مطلب هام جدا، فالإسهاب يربك النص ويبعث الملل. كما أن ارتباط القصيدة بالواقع المحسوس له الدور الأهم في توسيع إدراك وخيال الطفل، فالخيال لا ينبثق إلا من قاعدة واقعية ينطلق منها الطفل ليحلق بعيدا في فضاءات رحبة. وبرغم الأهمية البالغة لشعر الطفل ودوره في نمو الطفل وجدانيا ومعرفيا وعقليا إلا أنه لا يزال يعاني من الإهمال، ويظهر ذلك جليا في انعدام القاعدة التأسيسية له، وندرة الموسوعات والكتب التي تجمع تلك القصائد أو تعرّف بأصحابها، كما أن رابطة لشعراء الطفولة لا تزال حلما يراود الكثير من الشعراء العرب، فضلا عن أن حظ هذا اللون الأدبي من الدراسة والتطوير ضئيل جدا مقارنة بغيره، لذا نجده يعاني الضمور الكمي والكيفي.