من أمن العقوبة أساء الأدب»، هكذا نسمع وهكذا عرفنا هذا المثل الذي يعتبر رقيقا جدا بالنسبة للحال الذي وصلنا له حيث يجب أن نحوله ليصبح «من أمن العقوبة قتل الأبرياء».. فقبل نحو شهرين لقيت فتاة مصرعها في أم الدوم في الطائف نتيجة لسقوطها في بئر ارتوازية عمقها 50 مترا، وقد استغرق انتشالها ما يقارب أسبوعين، بعد هذه الحادثة بقليل وجدت فرق الدفاع المدني بمحافظة العلا جثة فتاة في بئر ارتوازية أخرى عمقها 85 مترا وكانت الفتاة التي لم تبلغ الخامسة عشرة قد فارقت الحياة. أيام قلائل بعد هذه الحادثة كانت كفيلة لنقرأ خبرا جديدا عن وفاة طفل في الخامسة من عمره، سقط في خزان للصرف الصحي في محافظة نفي في مدينة الرس.. العجيب أن ما تم ترديده في هذه الأخبار عن أسباب الوفاة في هذه الحالات أنها لم تكن عملا جنائيا، وهم يقصدون أن الضحايا لم يتعرضوا لجريمة قتل.. ومن هنا أتساءل أليس الإهمال جريمة؟! أم أن أرواح الأبرياء أرخص من المناصب التي يحرص البعض على ألا يفقدها! لن أطالب بوجود الضمير الذي يظهر أنه معدوم! فهذه الآبار والخزانات من حفرها؟ ومن المسؤول أصلا عن وجودها؟ لكن الحقيقة الواضحة أنه لو كان للمعنيين والمسؤولين ذرة خوف واحدة لحرصوا على إغلاقها ووضع سياجات لحماية الأبرياء. مصائب كثيرة تقع بسبب الإهمال ويذهب ضحيتها الأبرياء ولا نسمع عن أي محاكمة أو تعويض أو عزل من منصب. رغم أن الخسائر التي نتلقاها هي أرواح فلذات أكبادنا، فبينما يكون المسؤولون سعيدين بين أبنائهم هناك أسر تخسر أطفالها ولا تعرف معنى للسرور، بسبب المشاريع المهملة والآبار والحفر المفتوحة والطرقات المتعرجة والمنتهية الصلاحية، مآس كثيرة تسطرها أخبار الصحف، ودموع غزيرة تنهمر ليل نهار، ويكفيك سماع «قضاء وقدر» تبريرا سمجا من المسؤولين المهملين وغير المبالين لهذه الحوادث المتكررة.. الذي أعلمه أن هؤلاء الغافلين المستهترين بأرواح الناس سيواجهون ربهم يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا منصب أو جاه.