قرر وزير الداخلية المصري منصور العيسوي أمس إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة بكافة إداراته وفروعه ومكاتبه في جميع محافظات الجمهورية، وكان إلغاء هذا الجهاز سيئ السمعة أحد المطالب الرئيسية لثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في 11 فبراير الماضي، وقرر وزير الداخلية «إنشاء قطاع جديد بالوزارة يسمى «قطاع الأمن الوطني» ويختص القطاع الجديد بالحفاظ على الأمن الوطني والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية لحماية الجبهة الداخلية ومكافحة الإرهاب وفقا لأحكام الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان ليؤدي ذلك الجهاز دوره في خدمة الوطن دون تدخل في حياة المواطنين أو ممارستهم لحقوقهم السياسية. وإذا كان الجهاز قد أنشئ، بهدف حماية الأمن المصري، ومحاربة الإرهاب والتطرف وكل ما يهدد الأمن المصري، إلا أنه تجاوز مهمته، وعمل على إضعاف المعارضة السياسية بكل أشكالها، وحماية النظام السياسي القائم. كما أنه يمتلك الكثير من الصلاحيات. كما أن العاملين في جهاز مباحث أمن الدولة يرشح بعضهم للمناصب الأمنية في مصر كرئاسة وزارة الداخلية بالإضافة إلى أن ضباط مباحث أمن الدولة يتمتعون بمميزات مادية ومعنوية عن غيرهم من ضباط الشرطة. وكان متظاهرون هاجموا أخيرا مقار جهاز مباحث أمن الدولة في القاهرة والإسكندرية وعدة محافظات أخرى بعد أن لاحظ نشطاء خروج سيارات جمع قمامة من بعض مقار أمن الدولة وهي محملة بأكياس مليئة بالوثائق التي تم فرمها أو حرقها. ويطالب المتظاهرون، منذ سقوط مبارك بحل هذا الجهاز الذي ينسب إليه معارضو نظام مبارك العديد من «الجرائم» من بينها الاعتقال والتعذيب حتى الموت أحيانا والاختفاء القسري فضلا عن مراقبة الهواتف الشخصية والحياة الخاصة للمعارضين واتساع نفوذه وتدخله في كافة قطاعات الدولة وخصوصا التعليمية والإعلامية. وكان النائب العام المصري المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود قد أمر أخيرا بحبس 47 من ضباط وأفراد جهاز مباحث أمن الدولة، بعد أن أثبتت التحقيقات تورطهم في وقائع حريق مستندات بمقار الجهاز وتواصل النيابة تحقيقاتها بسؤال بقية المسؤولين عن هذه الوقائع، كما تم القبض على رئيس الجهاز السابق اللواء حسن عبدالرحمن. ويعود تاريخ «مباحث أمن الدولة» في مصر إلى أوائل القرن الماضي عندما تم إنشاء جهاز للأمن السياسي، أثناء الاحتلال البريطاني، لتتبع الثوار والمقاومين للاحتلال الإنجليزي. وسمي هذا الجهاز آنذاك «قسم المخصوص»، وتمت الاستعانة فيه بضباط الشرطة، وكان أول من تولى إدارته اللواء سليم زكي، المعروف عنه أنه كان مقربا من الإنجليز. ورغم التغيرات الجذرية التي أحدثتها حركة الضباط الأحرار، التي وصلت إلى السلطة عام 1952، فإنها أبقت على «القلم السياسي»، وإن ألبسته ثوبا جديدا أسمته «المباحث العامة»، وتغير هذا الاسم في عهد الرئيس الراحل أنور السادات إلى «مباحث أمن الدولة»، إلى أن استقر على اسم «جهاز أمن الدولة». تغيرت الأسماء والوظيفة واحدة في كل العصور.