لم يتوقع والد المبتعث السعودي في أمريكا خالد محمد الدوسري، أن ابنه الذي غادر المملكة للدراسة، أن يأتيه يوما ليراه حبيس القضبان في الغربة، وهو الأب الذي تمنى أن يعود ولده رافعا رأسه بشهادة تعينه على خدمة أهله وبلده، بعد غياب دام ثلاثة أعوام، وتبقى له عامان. ولم يصدق الوالد المكلوم منذ سماعه خبر اعتقال ابنه في 23 فبراير بتهمة العمل على تفجير في أمريكا، أن ابنه الذي روى عينيه برؤيته صائما وقائما في رمضان الماضي 1431ه، خلال آخر إجازة له في المملكة، يمكن أن يتحول إلى إرهابي، يشهر سيفه في وجه الآخرين، بدلا من أن يرفع قلمه طلبا للعلم والمعرفة. لكن الأب، عرف شيئا واحدا، اسمه «لوعة الفراق» «القضية سببت لي أزمة نفسية، والخبر صدمني بشكل كبير، ولم أعد أحتمل». ورغم أن الأب بات أقرب للدعاء، بأن يفك الله تعالى أسره، منه من الحسرة على عدم انصياعه لطلبه «دعوته في آخر زيارة لتغيير تخصصه، في الكيمياء، وتغيير هذه الكتب التي بحوزته، لكنه أقنعني برغبته الجادة في هذا التخصص». ومع ذلك يتمسك الأب بتخصص ابنه «إذا خرج براءة بإذن الله، سأجعله يكمل دراسته في أمريكا، للوصول إلى الشهادة، لأنني أعلم أنه بريء من التهم المنسوبة إليه جملة وتفصيلا». ويذكر الأب البارحة، ل«شمس»، تفاصيل ما حدث مع المبتعث الذي ابتعثته شركة سابك لنيل الشهادة «اتصل بي مندوب سابك في يوم الجمعة، بعد يومين من القبض عليه، وأخبرني أن خالد اعتقل في أمريكا، وشرح لي الإجراءات التي اتخذتها الشركة من توكيل محام، والتكفل بتكاليفه، للدفاع عنه، بالإضافة إلى مصاريفه داخل السجن». وأشار إلى أن ابنه كان يتلقى مكافأة شهرية قدرها 2400 دولار، بالإضافة إلى مساعدته بمبلغ لا يتجاوز ألف ريال «وعندما قبضوا عليه، ادعوا أنه يمتلك مبالغ في حسابه، رغم أنه لم يحو سوى 502 دولار، ويروي والد الدوسري، آخر مكالمة بينه وابنه «كانت المكالمة قبل اعتقاله بيومين، ولم ألحظ في كلامه أي شيء يدعو للقلق، بل بدا مرتاح البال، وبعد اعتقاله خاطبته، وهاتف والدته وإخوته، ودعاني للوصول إلى الإعلام لتأكيد براءته، لكنه رفض الإفصاح أكثر». ولا يفكر والد الدوسري حاليا «في الذهاب إلى أمريكا لمتابعة قضية خالد عن قرب، وأرى أن الوقت لا يزال مبكرا للذهاب، والقنصلية السعودية في أمريكا اتصلت بي، وأكدوا أنهم يتابعون قضية خالد عن قرب، ويلبون جميع حاجاته، وأسأل الله أن يفك أسره». شهادة براءة ولم يكن يوم أمس مجرد تجمع لعائلة الدوسري، للتأكيد على أن ابنهم بريء، بل امتد الأمر للتأكيد على المخاوف التي بدأت تطول عقلية الكثير من أبناء الوطن، وذلك حسب تعبير أحد أقارب خالد ويدعى محمد الدوسري «ألغيت بعثتي إلى أمريكا لدراسة الماجستير في المحاسبة، لأنني لا استبعد أن أكون الضحية المقبلة». أما خال خالد، فيعتبر نفسه أول من صدم بالخبر «عرفت عبر وسائل الإعلام، فكنت في صبيحة الجمعة 25 فبراير أتصفح المواقع الإلكترونية، لأجد خبر الاعتقال، فاتصلت بأخيه محمد للتأكد من الأمر، لكنه لم يعلم شيئا، وفي ظهيرة الجمعة عاد محمد ليؤكد خبر الاعتقال، بعد اتصال مندوب سابك، بتهمة محاولة حيازة أسلحة دمار شامل، فحاولنا التواصل معه، دون فائدة». إلا أن خال خالد يتمسك بأمر هام، هو أن ابن أخته «أعرفه مسالم، وبريء من جميع التهم الموجهة إليه، ومن المستحيل أن يعمل شيئا من هذا القبيل». ويدعو عم خالد الجميع لعدم التسرع في الأحكام «القضية مسألة وقت، وستنتهي ببراءته، وإن طال أمدها، فهو ابن العائلة البار، ولم ينتم يوما لأي جماعة كانت، فكيف له أن يقوم بهذا العمل الخطير». ويجزم صديق خالد منذ مرحلة الطفولة ويدعى بندر الدوسري، على أن «خالد منذ نعومة أظفاره، وتفكيره يتمركز فقط على كرة القدم، وكان يتمنى أن يلتحق بنادي الهلال، ولم يكن مهتما يوما بالسياسة، وليس من المتابعين لها، الأمر الذي جعلني لا أصدق مثل هذا الخبر، خاصة أنني كنت دائم التواصل معه خلال وجوده في أمريكا، وأظهر ارتياحا للشعب الأمريكي، ووصفهم بأنهم طيبون ويحترمون الشعوب الأخرى وثقافتهم، ولم يطرأ عليه أي علامات تخوف من أمريكا بل كان عكس ذلك». الحالة الاجتماعية ويؤكد محمد أخو خالد الذي اتصل به قبل أسبوع من اعتقاله، أن ولعه بالرياضة، دفعه للاستفسار عن نتائج مباريات الدوري «لم يطرأ عليه أي تغير، فهل يتحول الأمر من يوم وليلة؟». ويكشف أنه لطالما تفوق دراسيا منذ المراحل الأولى وحتى الثانوية «أرسلت السجلات الدراسية إلى المحامي الذي يعد من أفضل سبعة محامين في تكساس الأمريكية، كما أرسلت له جميع الأوراق الدالة على تفوقه، وسلوكه، وتحمس لحادثة أن شقيقه الأصغر دهس أمام عينيه، وعلمنا من المحامي بتأجيل المحاكمة بناء على طلب خالد، ولم يحدد موعد الجلسة المقبلة حتى يتم إعداد مذكرة مفصلة عن حياة خالد» .