حذر مختصون من تراجع أعداد الأسود حول العالم فيما قد يعد مؤشرا لاندثار تلك الفصيلة من القطط الكبيرة. يأتي ذلك بعدما أعلنت وكالة حماية الأسماك والحياة البرية الأمريكية رسميا الأربعاء، انقراض أسد الجبال الشرقية الأمريكي، وذلك بعد مرور أكثر من سبعة عقود على رؤية آخر حيوان من هذه الفصيلة التي كانت تعتبر أكبر السباع المفترسة في تلك المنطقة التي غزاها الإنسان منذ قرون. وكان أسد الجبال الشرقية يعيش في كل الولايات الواقعة على المحيط الأطلسي بأمريكا، وقد شملت مناطق سكنه مختلف البيئات الطبيعية، مثل الجبال والغابات، وصولا إلى المناطق الساحلية، وفقا للدكتور مارك ماكوليغ، الباحث المتخصص في هذه الفصيلة. أما آخر مشاهدة لهذا الحيوان فتعود إلى عام 1938، عندما اصطاد العالم بروس رايت أسدا في ولاية ماين، وصوره وعرضه. ورغم غياب أسد الجبال الشرقية، إلا أن البراري الأمريكية ستظل تحتوي على مجموعة من السباع المفترسة من فصيلة السنوريات، مثل القطط الوحشية، وأسود الجبال العادية والفهود والبوما. وكان بعض من العلماء يأملون حتى السنوات الأخيرة بالعثور على أسود جبل شرقية في مناطق برية قد لا تكون يد الإنسان قد امتدت إليها، وعزز هذا الأمل ورود تقارير عن هجمات لحيوانات مفترسة غامضة، لكن اتضح مع الوقت أن حيوانات أخرى مسؤولة عنها. وشرح ماكوليغ ذلك بالقول: «مازال لدينا في المنطقة الشرقية من أمريكا مجموعات من أسود الجبال العادية التي يراها البعض، ويعتقدون أنها من فصيلة أسود الجبال الشرقية، ولكن هذا غير صحيح، ويمكننا القول إن تلك الفصيلة قد انقرضت منذ زمن». ودعا ديريك جوبارت، وهو صانع أفلام وثائقية ل«ناشيونال جيوغرافيك»، إلى تحرك جماعي، وفي غضون السنوات القليلة الماضية، لحماية الأسود بصفة عامة، وإلا فإن الأجيال الراهنة تشهد حقبة زوال هذا الحيوان المفترس. ويرى خبراء أن مقتل أسد واحد له مترتبات فادحة على قطيع بأكمله، فتولي أسد آخر القيادة والهيمنة على منطقة قد يعني الفتك بكافة الأشبال وربما الإناث المدافعة عن صغارها. ويقدر أن ما بين 20 و30 أسدا تروح ضحية مقتل واحد، كما أن اندثار تلك القطط الكبيرة له تأثيرات مختلفة على الأنظمة الإيكولوجية وقد يؤدي لانهيار كامل للبيئات وصولا لأنظمة المياه، فمع تحول الطرائد أو وقف هجرتها أو تنامي تعدادها وتدمير سلامة النباتات المهمة في المنطقة، خصيصا على طول مجرى الأنهار. ولفت المختصون إلى أهمية اقتصادية للحفاظ على الأسود، ففي إفريقيا تحديدا، تمثل عائدات قطاع السياحة من محميات مفتوحة صديقة للبيئة، وشركات الطيران، وصناعة التحف اليدوية، وتصل إلى 80 مليار دولار سنويا، جزءا مهما لاقتصادات القارة. وتراجعت أعداد «ملك الغابة» من 450 ألف أسد قبيل نصف قرن إلى دون 20 ألفا في وقتنا الحاضر وفق جوبارت. وتعيش معظم الأسود البرية المتبقية اليوم في إفريقيا إلى جانب أعداد صغيرة مهددة بالانقراض في الهند، ورغم تصنيفه على أنه من أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض بدرجة دنيا، إلا أن التقرير يدق ناقوس الخطر بضرورة التحرك لحماية «القط الكبير» من خطر الاندثار النهائي بلا رجعة .