قبل بضعة أسابيع، أعلن محمد السحيمي، الكاتب الساخر بصحيفة المدينة، في مقالة وداع أخيرة عن اعتزاله الكتابة، مشيرا إلى أن ذرف القراء الدموع احتراما لاسم صنعوه أهون بكثير من ذرفهم للدموع حسرة على ذلك الاحترام الذي أكنوه يوما لذلك الكاتب! مقالة السحيمي التي لم تتضمن أسبابا مباشرة وواضحة لاعتزاله الكتابة جاءت بعد أيام قليلة من مشاركته بإحدى حلقات برنامج «يا هلا» الحواري الذي يقدمه الإعلامي السعودي علي العلياني على قناة روتانا خليجية، وناقش فيها العلياني بمشاركة السحيمي في تلك الحلقة أسباب كارثة جدة الأخيرة بجرأة نادرة، حيث انتقد فيها بعض المسؤولين بصراحة شديدة. لذا تساءل القراء عن خلفيات قرار السحيمي، وهل جاء بناء على تعرضه لبعض الضغوط من إحدى الجهات الرقابية، خاصة بعد انتقاده أخيرا وبشكل مباشر لبعض المسؤولين. لكن المتابعين لمحمد السحيمي ولمشوار نضاله الطويل يدركون تماما أن كاتبا شجاعا وجريئا وصادقا مثله لن يتوقف عن الكتابة تحت أي ضغوط رقابية إلا لو أوقف رسميا، وهذا كما يبدو لم يحدث. السحيمي عندما أقدم على قرار التوقف عن الكتابة، أقدم عليه بجرأة تضاهي جرأته في الاستمرار بالكتابة طيلة الأعوام الماضية سواء ككاتب في صحيفة المدينة أو حتى قبلها في صحيفة الوطن، وذلك خوفا من أن يفقد احترام القراء له، وحرصا على اسمه الذي بات في الأعوام الأخيرة أشهر من «نار على علم» وهو ما يستحق الاحترام والتقدير بلا شك، خاصة ونحن نشهد هذه الأيام المحاولات المستميتة لبعض رؤساء الدول للحفاظ على مقاعد الحكم والسلطة رغم فقدانهم لاحترام شعوبهم بكل أسف وحسرة!