لم تنته آثار كارثة الأمطار الأخيرة التي ضربت جدة بمجرد انتهاء لجان تقدير الخسائر والتعويضات من أعمالها فمازالت هناك خسائر ممتدة، ولا يزال هناك متضررون يعيشون هاجس التشرد فوجودهم في الشقق المفروشة وكثير من منازلهم أصبحت آيلة للسقوط والخيارات أمامهم أصبحت محدودة إن لم تكن معدومة. وقال عدد من سكان أحد الأربطة الخيرية ل«شمس» إن الأمطار أجبرتهم على ترك الرباط والانتقال للسكن في شقة مفروشة على حساب لجان إسكان المتضررين، إلا أن مفاجأة قاسية كانت في انتظارهم، فبعد أن طالبتهم إدارة المجمع السكني الذي يقيمون فيه حاولوا العودة إلى الرباط إلا أنهم وجدوه مغلقا بسبب تعرضه لأضرار بالغة جعلته مهددا بالسقوط، كما أكد لهم القائمون عليه وهو ما جعلهم يخاطرون بالسكن في الرباط وهم في حالة من القلق المستمر. وقالت سعاد الشيخ «40 عاما»، إنها كانت تقيم هي وأبناؤها اليتامى ووالدتها في هذا الرباط الخيري لكنهم أصبحوا اليوم مشردين فلا سقف يظلهم ولا مال ينفقون منه على والدتها المصابة بمرض الفشل الكلوي بسبب سيرها في مياه الأمطار المختلطة بالصرف الصحي: «قصتنا بدأت عندما هطلت أمطار الأربعاء، حيث اختلطت مياهها بمياه الصرف الصحي وكدنا نغرق فخرجنا مع بقية السكان سيرا على الأقدام، وعبرنا وسط المياه المملوءة بالقاذورات حتى وصلنا إلى إحدى الشقق المفروشة حيث تم إيواؤنا». إلا أن الأمر لم ينته بمجرد وصولهم إلى مكان آمن فالمياه المختلطة بالصرف الصحي التي خاضوها تسببت في إصابة والدة السيدة سعاد بالفشل الكلوي: «أخذت صحة والدتي تتدهور بشكل سريع ومفاجئ وعند عرضها على الأطباء أكدوا إصابتها بفشل كلوي نتيجة دخول جرثومة إلى دمها بسبب عبورها مياها ملوثة، ولضيق ذات اليد لم أتمكن من علاجها وعمل جلسات غسيل كلوي لها، ومازالت إلى اليوم تعاني وتصارع المرض». وذكرت أنهم وفي خضم مشكلة مرض والدتها كان عليهم مواجهة مشكلة أخرى لا تقل خطورة وهي أن الرباط الخيري الذي كانوا يستعدون للعودة إليه بعد تحسن الأوضاع فوجئنا أن الرباط لم يعد يستقبل أي سكان، بحجة أنه لم يعد صالحا للسكن وآيل للسقوط، في الوقت الذي انتهت المهلة المحددة لإقامتنا في الشقة المفروشة». وقالت إن الأمر بات مرهقا نفسيا: «نحن بلا عائل لذلك كنا نعيش في الرباط ونعتمد على المعونات المقدمة من الجمعيات الخيرية، لكن بعد كل ما حدث لم يكن أمامنا حل سوى العودة إلى الرباط ومعنا ثلاث عائلات أخرى، لكننا نعيش جميعا في خوف من سقوط المبنى وفي الوقت نفسه من قرار قد تتخذه صاحبة الرباط بإخلائه في أي لحظة لهدمه رغم أن بعض مسؤولي مديرية الدفاع المدني، أكد لهم شفاهة أن المبنى غير آيل للسقوط وأنه يحتاج فقط لبعض الترميمات، وأن بإمكانهم البقاء فيه». وأضافت السيدة سعاد أنه عند مراجعتهم إدارة الأوقاف بهدف الحصول على مسكن بديل، أبلغوهم أن الرباط غير مسجل لديهم، مما يعني حرمانهم من الحق في الحصول على سكن بديل. من جانبه، قال وكيل صاحبة الرباط عبدالقادر عابد ل«شمس»: إن السيدة ناجية عبداللطيف أوقفت هذا المبنى لله منذ أكثر من 25 عاما ولا تتقاضى ريالا واحدا عن إيواء ثماني أسر تسكنه، لكن المبنى تعرض لأضرار نتيجة الأمطار الأخيرة وأن الدفاع المدني أكد لهم أنه آيل للسقوط: «نسعى حاليا التأكد من سلامة المبنى عن طريق مكاتب هندسية متخصصة، بعد أن طلبت الأمانة عرضه على عشرة مكاتب هندسية، ومن ثم موافاتها بالنتائج لاتخاذ القرار حول مدى صلاحيته للسكن من عدمه» .