هناك محاولات حثيثة للوصول إلى حكومة إلكترونية، بحيث يصبح من الممكن أن ينهي المراجع أشغاله وهو على مكتبه أو في منزله، وبالتأكيد أن الخطط طموحة والصعوبات كثيرة، لكن التحول إلى الحكومة الإلكترونية سيترك بيوتا كثيرة بلا دخل، وهذا ما سألني إياه أحد الذين يعملون في مكتب للتعقيب على المعاملات، فقال كل ما اشترطته الدوائر الحكومية من شروط رقابية وفرناه، لكن العمل أصبح قليلا، ولم يعد هناك من يأتينا، وانخفض دخلنا، ولدينا التزامات مالية، ولا عمل نجيده إلا التعقيب على المعاملات، وهو ما فعلناه منذ أعوام طويلة. لم أجد إجابة على سؤاله، فعلا ما هو مصير هذه الأسر التي تعتاش من هذه المهنة، سؤال يبدو أنه لم يدر بخلد من يعمل على التحول نحو الحكومة الإلكترونية، فهؤلاء الأشخاص كيفوا حياتهم مع هذا العمل، وهو الاتجاه ذاته الذي تدفع إليه جهات حكومية أخرى، فهناك تشجيع على فتح منشآت أعمال صغيرة، لكن في المقابل ستقفل منشآت مكاتب التعقيب، وسيجد المعقبون أنفسهم بلا عمل، وكثير منهم بعد أعوام من العمل رب منشأة سيصعب عليه التحول إلى موظف إذا افترضنا أن هناك وظيفة تنتظره أساسا. المعقبون وغيرهم من الأعمال التي ستتأثر بالحكومة الإلكترونية تحتاج إلى أخذها في الحسبان، فوجود حكومة إلكترونية مطلب مهم، لكنه يجب ألا يأتي على حساب أسر تستر حالها بما يأتيها من أموال من متابعة أعمال الآخرين وإنجازها، فهذه الأسر ما لم ينظر في شأنها ستضاف بكل سهولة إلى قوائم الأسر المحتاجة، ونكون استفدنا من التقنية في جزء وجعلناها سببا لمعاناة الآلاف في جزء آخر. قد يكون من المفيد أن نراجع كثيرا من الأعمال، بحيث تأخذ في الحسبان كامل الصورة، فلا ننجرف خلف المنجز، لنكتشف أنه جاء بكارثة إنسانية في جانب غفل عنه المتحمسون، يجب أن نضع المواطن في الأولوية معقبا أو مراجعا، ونوازن بين مصلحة الاثنين معا.