أحمد مراد يعود بقوة بعد «فيرتيجو» ليبرهن مجددا على امتلاكه مهارات الروائي المبدع.. أحداث مثيرة ومشوقة يميزها أسلوب مراد في تركيب الصور والمشاهد كأنه فيلم سينمائي وليس مجرد رواية مقروءة. Zeinab Mustafa تدور حول شخص عادي معدوم الحيلة يواجه جريمة قتل يبدأ فى البحث وراءها بدافع الانتقام وبمساعدة صديق صدوق, ووقوعه فى الحب فى أكثر أوقات حياته خطرا وارتباكا, والانتصار فى النهاية. الحقيقة لا أود إفساد متعة الرواية والكشف عن تفاصيلها، لكنني أترك ذلك لمن يحب قراءتها. أشيد كذلك بالغلاف المميز للرواية الذى صممه الكاتب نفسه، اللون الأحمر ودفتر المذكرات في يد خلف الظهر. Radwa «تراب الماس» جددت الثقة مرة أخرى في القراءات الأدبية بوصفها رواية أعتقد أنها ستصير علامة مضيئة ومهمة في تاريخ الأدب الحديث. وهي يمكن تصنيفها رواية بوليسية تشويقية سياسية.. نوع من الروايات التي لا يمكن أن تنحيها جانبا قبل أن تنتهي من قراءتها حتى آخر حرف. جربت أكثر من مرة أن أتوقف قليلا عن القراءة بعدما كاد النوم يفتك بعيني إلا أن جرعة التشويق في الرواية غلبت سلطان النوم فلم أترك الرواية إلا جثة هامدة بعدما شعرت بجميع المشاعر الإنسانية في أثناء قراءتها من حزن لابتسام لرغبة في البكاء لحالة من الضحك لترقب لتشوق لذهول لالتهام الصفحات؛ رغبة في كشف غموض القادم! جملة من المشاعر والأحاسيس المتناقضة التي يشعر بها قارئ هذه الرواية الرائعة.. تتقلب مشاعرك وأحاسيسك وانفعالاتك وأنت تقلب الصفحات بين يديك تلتهم الأحداث التهاما! الرواية تحمل بين طيات صفحاتها أحداثا وحوارات بين أبطالها غارقة في الواقعية.. كلمات ليست غريبة عليك.. حوار سهل بسيط تسمعه وتقوله يوميا.. كلمات غارقة في الواقعية بعيدا عن اللغة المتفذلكة التي يلجأ كثير من الروائيين للكتابة بها؛ رغبة في زيادة أعمالهم ثقلا، من وجهة نظرهم طبعا. الرواية تطرح من وجهة نظري فكرة فلسفية حول فلسفة (تغيير الواقع) بمعنى لو كان مجتمعك فاسدا ولا أمل في إصلاحه فهل من الجائز أن تقوم أنت بالإصلاح حتى لو كان الإصلاح ملوثا بالدم؟ هل من الجائز أن نرتكب غلطة صغيرة من أجل أن نصلح غلطات أكبر؟! الرواية تطرح مشكلة الفساد الذي استشرى وتغلغل في المجتمع لدرجة أن يتبوأ مقاعد البرلمان أشخاص تدور الشبهات حول سلوكياتهم وتصرفاتهم ومصادر ثرواتهم. Ahmed Samir في البداية لم أفهم سر كل هذا الحماس للرواية، رأيتها عادية، لا تستحق كل الضجة المثارة حولها، ثم أدركت أمرا مهما.. لا بد من راو بارع كي يصور لي أحداث عجيبة بهذا الشكل،عصية على التصديق في عالم الواقع في تسلسل منطقي تماما جعلني أبتلع القصة وحبكتها وأحداثها دون مشقة. الأحداث محكمة جدا، لا يوجد حدث يجعلني أتأفف من غرابته أو عدم منطقيته، والتسلسل واضح، بل أجسر أن أقول حتمي! أشعرني بالتعاطف مع البطل الذي وجد نفسه قاتلا باختياره ورغما عنه في آن واحد.. في جو عجيب يجمل مزيجا من الأسرار والحقد والكراهية والحب والحنان.. أضف إلى ذلك القصة نفسها، البطل الذي يسعى للانتقام، انتقام شخصي في البداية يتحول إلى حرب في سبيل هدف أكبر، هي قصة عولجت ألف مرة في ألف قصة ورواية وفيلم ومسلسل تلفزيوني، لكنني شعرت بشيء جديد في معالجة هذه الرواية لتلك القصة.. لا أعرف ما هو الجديد بالضبط، لكنه موجود.. ذلك العنصر السحري الذي يجعلك تستسيغ رواية ما، بل وتستمتع بها، رغم أن القصة عادية أو مكررة! ماز لت عند رأيي أن «تراب الماس» ليست رواية خارقة للعادة.. ليست في إثارة «شفرة دافنشي» ولا خيال وعمق «الحرافيش».. ولا تستحق نجوما خمسا.. لكنها ممتعة بما يكفي، تحب بطلها، تتعلق به وبحياته التي تغير مسارها دون ذنب منه، ثم بذنب.. تتعاطف معه.. ثم تنتهي الرواية تاركة في الحلق غصة، تجعلك تتمنى لو كان لديك أطنان وأطنان من تراب الماس. Ng