طالب أحد القانونيين بتحويل قضايا تعليق الزوجات إلى قضايا جنائية وحقوقية؛ لكونها اعتداء مباشرا على كرامة الإنسان، وحبسه عن موارد رزقه، وتعطيل حياته الطبيعية في حاجات الجسد ومتطلبات الشعور والعاطفة وتقييد حرية السفر والتنقل بغير وجه حق. وقال المحامي الدكتور محمد المسعود إن العشرات من الزوجات المعلقات يعتبرن رهائن لأزواجهن يجب أن يعمل على إطلاق سراحهن لعدم تحقق شرط بقاء واستمرار الحياة الزوجية «والمشروط عدم عند عدم شرطه» والشرط صريح لا لبس فيه ولا غموض «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان». جاء ذلك تعليقا على قصة السيدة نوف من الشرقية التي تعيش منذ أربعة أعوام لا هي زوجة تتمتع بكافة حقوقها ولا هي مطلقة تستطيع أن تبدأ حياتها من جديد بعيدا عن «وهم السعادة» الذي أغرقها فيها زوجها الذي ضاعف من جراحها عندما اشترط عليها الحصول على 350 ألف ريال حتى «يطلق سراحها» ويبني بها عش الزوجة الجديدة. وقال المسعود ل «شمس» إن قصص الاستخلاف بين محكمة جدة ومحكمة الدمام تتربص بموكلته فبينما تتنقل من جلسة إلى أخرى تسقط الكثير من أوراق عمرها ويذبل شبابها ويتداعى إليها الوهن والضعف والعجز والمرض، فحين يتكرم زوجها بالاستجابة لطلب المحكمة في المرة الثالثة يتلاعب بأجوبته أمام المحكمة ليطول أمد القضية راكنا مستكينا إلى أن نهاية القصة بعد خراب «عمر الزوجة» وتدميرها نفسيا وجسديا «طلاق يرميه في وجهها». أو قبض ثمن الفدية «المهر وتوابعه» بعنوان «الخلع»: «حين تقدمت موكلتي بالدعوى كان عمرها 28 ربيعا والآن تتحرك إلى الثانية والثلاثين وهو الآن يتربص لخطف طفلتيه بعنوان «الحضانة» وبات يساوم والدها ب 350 ألف ريال حتى يساعده المبلغ في بناء منزل لزوجته الجديدة». وأضاف أن ثوابت التشريع في المملكة، وحدة الحقوق والمساواة في الكرامة دون تفريق بين جنس المواطن ذكرا أو أنثى: «من البديهي أن من حبس إنسانا عن رزقه، ومنعه من السفر، أو التعليم وحرمه من حقوقه المدنية بشكل مباشر، وبعلاقة سببية صحيحة يعاقب بالحق العام، ويحكم عليه بتعويض عن الحق الخاص. وهذا ما ينطبق بشكل كلي وتام على المرأة المعلقة بغرض ارتكاب جناية «الابتزاز المالي». وهذا وجه آخر، وسبب مضاف للنظر في قضايا التعليق في المجتمع السعودي على أنها قضايا جنائية وحقوقية، حيث يقوم البعض باختطاف بناتنا وأخواتنا ثم يسوموهن سوء العذاب ذلا، وامتهان كرامة، وانتهاك حقوق، وضربا وحبسا عن حقهن المشروع بطلب الرزق وكفاية النفس». وأشار إلى أن الأوامر الثلاثة المذكورة في الآية الكريمة: «يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا «النساء: 19» فيها دلالة صريحة على الوجوب، في قوله تعالى «ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن»، وهو تعطيل المرأة عن أمومتها أو عواطفها ومشاعرها وحياتها الكريمة التامة، وقوله تعالى «وعاشروهن بالمعروف». حيث لا قرينة شرعية تصرف هذه الآيات إلى الندب كما قال به بعض العلماء. أما السيدة نوف فقالت ل «شمس» إنها كانت تضع مواصفات غير تقليدية لفارس أحلامها حتى عثرت على ضالتها في طبيب من جدة وعدها بسعادة لا متناهية، إلا أن السعادة سرعان ما انقلبت إلى تعاسة مع الاستقبال غير المتوقع الذي لقيته من بعض أسرته في أول عام لهما «البداية كانت مشكلات صغيرة بسبب أهله خاصة أمه وشقيقاته المتسلطات اللاتي كن يعتقدن أني مغرورة بسبب المستوى الاقتصادي المرتفع لأسرتي، لكني كنت أصبر عليهن مع وعود زوجي بوقف هذه المشكلات لكنها لا تلبث أن تعود مجددا بل تطورت إلى الضرب والإيذاء الجسدي». وأضافت أن زوجها بدأ هو الآخر يتحدث عن أسرتها بما لا يليق بهم، خاصة أنهم كانوا يحترمونه كثيرا، بل أخذت تصرفاته تجاهها تتغير بشكل كبير «حرمني من إكمال دراستي الجامعية وأخذ يطلب مني الإنفاق على البيت بحجة أنه يصرف على أسرته فقد كنت أدفع الأقساط الشهرية لسيارته وقدرها ثلاثة آلاف ريال، بالإضافة إلى راتب الخادمة وباقي مصاريف البيت، بل وصل به الأمر إلى أخذ النقود التي كنت أدخرها أو التي يمنحني إياها والدي وأهلي، كما كان يبيع مجوهراتي على دفعات لتسديد إيجار المنزل، كما تصرف في هدايا قيمة حصلت عليها بمناسبة زواجي، حتى نفقات الولادة كنت أسددها بعد أن عثرت على عمل في أحد البنوك». وذكرت أن الحياة كانت تسير من سيئ إلى أسوأ لكنها كانت تحاول أن تصبر خاصة أن لديها طفلتين إلا أنها فوجئت في أحد الأيام بفصل زوجها لهاتفها الجوال وهاتف المنزل قبل أن يطردها ليلا إلى الشارع هي وطفلتيها «وقفت في الشارع برهة من الوقت حتى شاهدت أحد جيراننا فاستعرت هاتفه وأخبرت والدي الذي سارع بإرسال بعض أقاربي المقيمين في جدة الذين حملوا أغراضي وأوصلوني إلى المطار حيث عدت إلى أسرتي». ورغم احتواء أسرتها لها إلا أن نوف تشعر بعدم الاستقرار فوالدها هو الذي يتولى الصرف عليها وعلى ابنتيها اللتين تدرسان في مدرسة خاصة قبلت تسجيلهما، بصفة خاصة، بنسخة من بطاقة العائلة التي عثرت عليها بالمصادفة في ملفها الطبي «طلبت منه إرسال ورقة الطلاق لكنه رفض وقال إنه سيتركني معلقة، حتى إنه أخبرني بأنه ينتظر أن يصل عمر ابنتنا الصغيرة إلى سبعة أعوام ليأخذها هي وشقيقتها الكبرى معا، ووصفني بأني الآن مجرد مربية غير مدفوعة الأجر.. والمشكلة أن القضية التي رفعتها ضده لا تزال تراوح مكانها ففي كل مرة يتم عمل استخلاف وتبليغ بالموعد للمحكمة بجدة لا يحضر زوجي أو يتعمد الحضور متأخرا بعد موعد الجلسة بساعتين. وأيضا كلما ذهبت بنفسي للقضاء يكون القاضي في إجازة أو لا يحضر لدرجة أن والدي تحدث إلى رئيس المحاكم في الشرقية في هذا الأمر فكان رده أن هناك نقصا في القضاة ووعد بالنظر في القضية بمجرد استلام القاضي لعمله لكن مرت فترة ولم يحدث شيء» .